براجمه فشخبت يداه حتى مات، فرآه الطفيل بن عمرو في منامه وهيئته حسنة ورآه مغطيا يديه فقال له: مصنع بك ربك؟ قال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ما لي أراك مغطيا يديك؟ قال: قيل لي لن نصلح منك ما أفسدت، فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : وليديه فأغفر رواه أحمد ومسلم.
قوله: فالقاتل والمقتول في النار قال في الفتح قال العلماء: معنى كونهما في النار أنهما يستحقان ذلك، ولكن أمرهما إلى الله تعالى إن شاء عاقبهما ثم أخرجهما من النار كسائر الموحدين وإن شاء عفا عنهما أصلا. وقيل: هو محمول على من استحل ذلك، ولا حجة فيه للخوارج ومن قال من المعتزلة بأن أهل المعاصي مخلدون في النار لأنه لا يلزم من قوله القاتل والمقتول في النار استمرار بقائهما فيها، واحتج به من لم ير القتال في الفتنة وهم كل من ترك القتال مع علي في حروبه كسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة وأبي بكرة وغيرهم وقالوا: يجب الكف حتى لو أراد قتله لم يدفعه عن نفسه، ومنهم من قال: لا يدخل في الفتنة فإن أحد أراد قتله دفع عن نفسه انتهى. ويدل على القول الآخر حديث أبي هريرة عند أحمد ومسلم وقد تقدم في باب دفع الصائل من كتاب الغصب وفيه: أرأيت إن قاتلني قال قاتله. ويدل على القول الأول ما تقدم من الأحاديث في باب أن الدفع لا يلزم المصول عليه من ذلك الكتاب. قال في الفتح: وذهب جمهور الصحابة والتابعين إلى وجوب نصرة الحق وقتال الباغين، وحمل هؤلاء الأحاديث الواردة في ذلك على من ضعف عن القتال أو قصر نظره عن معرفة صاحب الحق، قال: واتفق أهل السنة على وجوب منع الطعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ولو عرف المحق منهم، لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب إلا عن اجتهاد، وقد عفا الله عن المخطئ في الاجتهاد، بل ثبت أنه يؤجر أجرا واحدا، وأن المصيب يؤجر أجرين. قال الطبري: لو كان الواجب في كل اختلاف يقع بين المسلمين الهرب منه بلزوم المنازل وكسر السيوف لما أقيم حق ولا أبطل باطل، ولو وجد أهل الفسوق سبيلا إلى ارتكاب المحرمات من أخذ الأموال وسفك الدماء وسبي الحريم بأن يحاربوهم ويكف المسلمون أيديهم ويقولوا هذه فتنة وقد نهينا عن القتال فيها. وهذا مخالف للامر بالأخذ على أيدي السفهاء