ذكرنا في غير موضع من هذا الشرع أنه لا يحتج بمثله لكونه ضعيفا جدا، وقد قال علي بن المديني: أن هذا الحديث إنما يدور على إبراهيم بن أبي يحيى، وقيل: إن كلام ابن المديني هذا غير مسلم، فإن أبا داود قد أخرجه في المراسيل وكذلك الطحاوي من طريق سليمان بن بلال عن ربيعة عن أبي البيلماني فلم يكن دائرا على إبراهيم. ويجاب بأن ابن المديني إنما أراد أن الحديث المسند بذكر ابن عمر يدور على إبراهيم بن أبي يحيى فقط، ولم يرد أن المسند والمرسل يدوران عليه فلا استدراك. وقد أجاب الشافعي في الام عن حديث ابن البيلماني المذكور بأنه كان في قصة المستأمن الذي قتله عمرو بن أمية، فلو ثبت لكان منسوخا لأن حديث: لا يقتل مسلم بكافر خطب به النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم الفتح كما في رواية عمرو بن شعيب، وقصة عمرو بن أمية متقدمة على ذلك بزمان. واستدلوا بما أخرجه الطبراني: أن عليا أتى برجل من المسلمين قتل رجلا من أهل الذمة فقامت عليه البينة فأمر بقتله فجاء أخوه فقال: إني قد عفوت، قال: فلعلهم هددوك وفرقوك وقرعوك، قال لا، ولكن قتل لا يرد على أخي وعرضوا لي ورضيت، قال: أنت أعلم من كان له ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا، وهذا مع كونه قول صحابي ففي إسناده أبو الجنوب الأسدي وهو ضعيف الحديث كما قال الدارقطني. وقد روى علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنه لا يقتل مسلم بكافر كما في حديث الباب، والحجة إنما هي في روايته.
وروي عن الشافعي في هذه القضية أنه قال: ما دلكم أن عليا يروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ويقول بخلافه، واستدلوا أيضا بما رواه البيهقي عن عمر في مسلم قتل معاهدا فقال: إن كانت طيرة في غضب فعلى القاتل أربعة آلاف، وإن كان القاتل لصا عاديا فيقتل. ويجاب عن هذا أولا بأنه قول صحابي ولا حجة فيه. وثانيا بأنه لا دلالة فيه على محل النزاع لأنه رتب القتل على كون القاتل لصا عاديا وذلك خارج عن محل النزاع، وأسقط القصاص عن القاتل في غضب وذلك غير مسقط لو كان القصاص واجبا. وثالثا بأنه قال الشافعي في القصص المروية عن عمر في القتل بالمعاهد أنه لا يعمل بحرف منها لأن جميعها منقطعات أو ضعاف أو تجمع الانقطاع والضعف، وقد تمسك بما روي عن عمر مما ذكرنا مالك والليث فقالا: يقتل المسلم بالذمي إذا قتله غيلة. قال: والغيلة أن يضجعه فيذبحه، ولا متمسك لهما في ذلك لما