وهم من أقدم على معصية، صرح الشارع بأن فاعلها لا يدخل الجنة كهؤلاء الثلاثة، ومن قتل نفسه، ومن قتل معاهدا، وغيرهم من العصاة الفاعلين لمعصية، ورد النص بأنها مانعة من دخول الجنة، فيكون حديث أبي موسى المذكور وما ورد في معناه مخصصا لعموم الأحاديث القاضية بخروج الموحدين من النار ودخولهم الجنة.
قوله: من أتى كاهنا قال القاضي عياض: كانت الكهانة في العرب ثلاثة أضرب:
أحدها يكون للانسان ولي من الجن يخبره بما يسترقه ما السمع من السماء، وهذا القسم بطل من حين بعث الله تعالى نبينا صلى الله عليه وآله وسلم. الثاني: أن يخبره بما يطرأ أو يكون في أقطار الأرض وما خفي عنه مما قرب أو بعد، وهذا لا يبعد وجوده، ونفت المعتزلة وبعض المتكلمين هذين الضربين وأحالوهما ولا استحالة في ذلك ولا بعد في وجوده، لكنهم يصدقون ويكذبون، والنهي عن تصديقهم والسماع منهم عام. الثالث: المنجمون وهذا الضرب يخلق الله فيه لبعض الناس قوة ما، لكن الكذب فيه أغلب، ومن هذا الفن العرافة وصاحبها عراف، وهو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها بها، وقد يعتضد بعض هذا الفن ببعض في ذلك كالزجر والطرق والنجوم وأسباب معتادة، وهذه الأضرب كلها تسمى كهانة، وقد أكذبهم كلهم الشرع ونهى عن تصديقهم وإتيانهم. قال الخطابي:
العراف هو الذي يتعاطى معرفة مكان المسروق ومكان الضالة ونحوهما. قال في النهاية: الكاهن يشمل العراف والمنجم. قوله: فصدقه بما يقول زاد الطبراني من رواية أنس: ومن أتاه غير مصدق له لم يقبل الله له صلاة أربعين ليلة وظاهر هذا أن التصديق شرط في ثبوت كفر من أتى الكاهن والعراف. قوله:
فقد كفر ظاهره أنه الكفر الحقيقي، وقيل هو الكفر المجازي، وقيل من اعتقد أن الكاهن والعراف يعرفان الغيب ويطلعان على الاسرار الإلهية كان كافرا كفرا حقيقيا، كمن اعتقد تأثير الكواكب وإلا فلا. قوله: لم يقبل الله منه صلاة أربعين ليلة قال النووي: معناه أنه لا ثواب له فيها وإن كانت مجزئة في سقوط الفرض عنه ولا يحتاج معها إلى إعادة، ونظير هذه الصلاة في الأرض المغصوبة فإنها مجزئة مسقطة للقضاء ولكن لا ثواب فيها، كذا قاله جمهور أصحابنا ، قالوا: فصلاة الفرض وغيرها من الواجبات، إذا أتى بها على وجهها الكامل ترتب