على الله الحديث. وأخرج من حديث سليمان بلفظ: إن أعتى الناس على الله وأخر أيضا حديث أبي شريح بلفظ: إن أعتى الناس على الله الحديث. قوله:
بذحول الجاهلية جمع ذحل بفتح الذال المعجمة وسكون الحاء المهملة وهو الثأر وطلب المكافأة والعداوة أيضا، والمراد هنا طلب من كان له دم في الجاهلية بعد دخوله في الاسلام، والمراد أن هؤلاء الثلاثة أعتى أهل المعاصي وأبغضهم إلى الله، وإلا فالشرك أبغض إليه من كل معصية كذا قال المهلب وغيره. وقد استدل بحديث أنس المذكور، على أن الحرم لا يعصم من إقامة واجب ولا يؤخر لأجله عن وقته كذا قال الخطابي، وقد ذهب إلى ذلك مالك والشافعي وهو اختيار ابن المنذر، ويؤيد ذلك عموم الأدلة القاضية باستيفاء الحدود في كل مكان وزمان. وذهب الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم والحنفية وسائر أهل العراق وأحمد ومن وافقه من أهل الحديث والعترة إلى أنه لا يحل لأحد أن يسفك بالحرم دما ولا يقيم به حدا حتى يخرج عنه من لجأ إليه. واستدلوا على ذلك بعموم حديث أبي هريرة وأبي شريح وابن عباس وعبد الله بن عمر وعموم قوله تعالى: * (ومن دخله كان آمنا) * (البقرة: 191) وهو الحكم الثابت قبل الاسلام وبعده، فإن الجاهلية كان يرى أحدهم قاتل ابنه فلا يهيجه وكذلك في الاسلام كما قاله ابن عمر في الأثر المذكور، وكما روى الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب أنه قال: لو وجدت فيه قاتل الخطاب ما مسسته حتى يخرج منه. وهكذا روي عن ابن عباس أنه قال: لو وجدت قاتل أبي في الحرم ما هجته. وأما الاستدلال بحديث أنس المذكور فوهم لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بقتل ابن خطل في الساعة التي أحل الله له فيها القتال بمكة، وقد أخبرنا بأنها لم تحل لأحد قبله ولا لأحد بعده، وأخبرنا أن حرمتها قد عادت بعد تلك الساعة كما كانت، وأما الاستدلال بعموم الأدلة القاضية باستيفاء الحدود فيجاب أولا بمنع عمومها لكل مكان وكل زمان لعدم التصريح بهما، وعلى تسليم العموم فهو مخصص بأحاديث الباب لأنها قاضية بمنع ذلك في مكان خاص وهي متأخرة فإنها في حجة الوداع بعد شرعية الحدود، هذا إذا ارتكب ما يوجب حدا أو قصاصا في خارج الحرم ثم لجأ إليه، وأما إذا ارتكب ما يوجب حدا أو قصاصا في الحرم فذهب بعض العترة إلى أنه يخرج من الحرم ويقام عليه الحد. وروى أحمد عن ابن عباس أنه قال: من سرق أو قتل في الحرم أقيم عليه في الحرم. ويؤيد ذلك قوله