من قبل المرأة كاف في جواز الخلع. واختار ابن المنذر أنه لا يجوز حتى يقع الشقاق منهما جميعا وتمسك بظاهر الآية. وبذلك قال طاوس والشعبي وجماعة من التابعين وأجاب عن ذلك جماعة منهم الطبري بأن المراد أنها إذا لم تقم بحقوق الزوج كان ذلك مقتضيا لبغض الزوج لها فنسبت المخالفة إليهما لذلك، ويؤيد عدم اعتبار ذلك من جهة الزوج أنه صلى الله عليه وآله وسلم يستفسر ثابتا عن كراهته لها عند إعلانها بالكراهة له. قوله: تتربص حيضة استدل بذلك من قال: إن الخلع فسخ لا طلاق. وقد حكي ذلك في البحر عن ابن عباس وعكرمة والناصر في أحد قوليه وأحمد بن حنبل وطاوس وإسحاق وأبي ثور، وأحد قولي الشافعي وابن المنذر.
وحكاه غيره أيضا عن الصادق والباقر وداود والامام يحيى بن حمزة، وحكي في البحر أيضا عن علي عليه السلام وعمر وعثمان وابن مسعود وزيد بن علي والقاسمية وأبي حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى وأحد قولي الشافعي أنه طلاق بائن. ووجه الاستدلال بحديث ابن عباس وحديث الربيع أن الخلع لو كان طلاقا لم يقتصر صلى الله عليه وآله وسلم على الامر بحيضة، وأيضا لم يقع فيهما الامر بالطلاق بل الامر بتخلية السبيل. قال الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير: إنه بحث عن رجال الحديثين معا فوجدهم ثقات، واحتجوا أيضا لكونه فسخا بقوله تعالى: * (الطلاق مرتان) * (البقرة: 229) ثم ذكر الافتداء ثم عقبه بقوله تعالى، * (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره) * (البقرة: 229) قالوا: ولو كان الافتداء طلاقا لكان الطلاق الذي لا تحل له فيه إلا بعد زوج هو الطلاق الرابع. وبحديث حبيبة بنت سهل عند مالك في الموطأ أنها قالت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله كل ما أعطاني عندي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لثابت: خذ منها فأخذ وجلست في أهلها ولم يذكر فيه الطلاق. ولا زاد على الفرقة. وأيضا لا يصح جعل الخلع طلاقا بائنا ولا رجعيا. أما الأول فلأنه، خلاف الظاهر لأنها تطليقة واحدة. وأما الثاني فلأنه إهدار لمال المرأة الذي دفعته لحصول الفرقة. (واحتج القائلون) بأنه طلاق بما وقع في حديث ابن عباس المذكور من أمره صلى الله عليه وآله وسلم لثابت بالطلاق. وأجيب بأنه ثبت من حديث المرأة صاحبة القصة عند أبي داود والنسائي ومالك في الموطأ بلفظ وخل سبيلها وصاحب القصة أعرف بها. وأيضا ثبت بلفظ الامر بتخلية السبيل