عنه، وأخبر أنه ليس له تأثير ينفع ولا يضر. وقد أخرج أبو داود والترمذي وصححه وابن ماجة من حديث ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: الطيرة شرك ثلاث مرات وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل قال الخطابي: قال محمد بن إسماعيل يعني البخاري: كان سليمان بن حرب ينكر هذا ويقول: هذا الحرف ليس قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكأنه قول ابن مسعود. وحكى الترمذي عن البخاري عن سليمان بن حرب نحو هذا، وأن الذي أنكره هو: وما منا. قال المنذري: الصواب ما قاله البخاري وغيره أن قوله وما منا الخ من كلام ابن مسعود. قال الحافظ أبو القاسم الأصبهاني والمنذري وغيرهما: في الحديث إضمار أي وما منا إلا وقد وقع في قلبه شئ من ذلك يعني قلوب أمته.
وقيل معناه ما منا إلا من يعتريه التطير وتسبق إلى قلبه الكراهة، فحذف اختصارا واعتمادا على فهم السامع، وهذا هو معنى ما وقع في حديث الباب قال: ذلك بشئ يجدونه في صدورهم فلا يصدنكم. قال النووي في شرح مسلم: معناه أن كراهة ذلك تقع في نفوسكم في العادة، ولكن لا تلتفتوا إليه ولا ترجعوا عما كنتم عزمتم عليه قبل هذا انتهى. وإنما جعل الطيرة من الشرك لأنهم كانوا يعتقدون أن التطير يجلب لهم نفعا أو يدفع عنهم ضررا إذا عملوا بموجبه فكأنهم أشركوه مع الله تعالى، ومعنى إذهابه بالتوكل أن ابن آدم إذا تطير وعرض له خاطر من التطير أذهبه الله بالتوكل والتفويض إليه وعدم العمل بما خطر من ذلك، فمن توكل سلم ولم يؤاخذه الله بما عرض له من التطير. وأخرج الشيخان وأبو داود من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة، فقال أعرابي: ما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها؟ قال: فمن أعدى الأول. قال معمر، قال الزهري: فحدثني رجل عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يوردن ممرض على مصح، قال: فراجعه الرجل فقال: أليس قد حدثتنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا عدوى ولا صفر ولا هامة، قال: لم أحدثكموه قال الزهري: قال أبو سلمة قد حدث به وما سمعت أبا هريرة بشئ حدثنا قط غيره، هذا لفظ أبي داود. وقد أخرج حديث لا عدوى إلخ مسلم وأبو داود من طريق العلاء بن عبد الرحمن