بعد الطلاق وهذا الاستبراء قبل البيع. ومنها: تنافي أحكام الملك والنكاح وإلا لزم أن لا يصح الجمع بين الأختين في الملك قياسا على عدم صحة النكاح. ومنها: أن العدة إنما تجب على المرأة لا على الزوج. ومنها: أن العدة إنما تجب على الزوجة بعد الدخول أو الخلوة، ويجب الاستبراء عندهم في الأمة مطلقا، فالحق أن مثل هذا القياس المبني على غير أساس لا يصلح لاثبات تكليف شرعي على جميع الناس، وكما أن لا وجه للايجاب لا وجه للاستحباب لأن كل واحد منهما حكم شرعي، والبراءة الأصلية مستصحبة حتى ينقل عنها ناقل صحيح، وليس في كلام ابن عمر المذكور ما يدل على أن الاستبراء على البائع ونحوه بل ظاهره أنه على المشتري، ولو سلم فليس في كلامه حجة على أحد، واختلف في وجوب الاستبراء على المشتري والمتهب ونحوهما، فذهب الجمهور إلى الوجوب، واحتجوا بالقياس على المسبية بجامع تجدد الملك في الأصل والفرع. وذهب داود والبتي إلى أنه لا يجب الاستبراء في غير السبي. أما داود فلأنه لا يقول بثبوت الحكم الشرعي بمجرد القياس. وأما البتي فلأنه جعل تجدد الملك بالشراء والهبة كابتداء النكاح، وهو لا يجب على من تزوج امرأة أن يستبرئها بعد العقد، ورد بالفرق بين النكاح والملك، فإن النكاح لا يقتضي ملك الرقبة كذا في البحر، ولا يخفى أن ملك الرقبة مما لا دخل له في محل النزاع فلا يقدح به في القياس، واستدل في البحر للجمهور بقول علي رضي الله عند: من اشترى جارية فلا يقربها حتى تستبرئ بحيضة قال: ولم يظهر خلافه، وقد عرفناك غير مرة أن السكوت في المسائل الاجتهادية لا يدل على الموافقة لعدم وجوب الانكار فيها على المخالف، والأولى التعويل في الاستدلال للموجبين على عموم حديث رويفع وأبي هريرة، فإن ظاهرهما شامل للمسبية والمستبرأة ونحوهما، والتصريح في آخر الحديث بقوله: فلا ينكحن ثيبا من السبايا ليس من باب التقييد للمطلق أو التخصيص للعام بل من التنصيص على بعض أفراد العام، ويمكن أن يقال إن قوله في الحديث من السبايا مفهوم صفة، فلا يكون من التنصيص المذكور إلا عند من لم يعمل به، وأوضح من ذلك حديث أبي سعيد المتقدم، فإن قوله: لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير حامل حتى تحيض حيضة يشمل المستبرأة ونحوها، وكون السبب في ذلك سبايا أوطاس لا يدل على قصر اللفظ العام عليهن لما تقرر أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فيكون
(١١٢)