باللبن الكائن في ضرع المرضعة إنما يكون لمن لم يجد طعاما ولا شرابا غيره. وأما من كان يأكل ويشرب فهو لا تسد جوعته عند الحاجة بغير الطعام والشراب، وكون الرضاع مما يمكن أن يسد به جوعة الكبير أمر خارج عن محل النزاع، فإنه ليس النزاع فيمن يمكن أن تسد جوعته به إنما النزاع فيمن لا تسد جوعته إلا به، وهكذا أجابوا عن الاحتجاج بحديث: لا رضاع إلا ما أنشر العظم وأنبت اللحم فقالوا:
إنه يمكن أن يكون الرضاع كذلك في حق الكبير ما لم يبلغ أرذل العمر، ولا يخفى ما فيه من التعسف، والحق ما قدمنا من أن قضية سالم مختص بمن حصل له ضرورة بالحجاب لكثرة الملابسة، فتكون هذه الأحاديث مخصصة بذلك النوع، فتجتمع حينئذ الأحاديث ويندفع التعسف من الجانبين. وقد احتج القائلون باشتراط الصغر بقوله تعالى: * (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) * (البقرة: 233) قالوا: وذلك بيان للمدة التي تثبت فيها أحكام الرضاع، ويجاب بأن هذه الآية مخصصة بحديث قصة سالم الصحيح.
باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أريد على ابنة حمزة فقال:
إنها لا تحل لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من الرحم وفي لفظ من النسب متفق عليه. وعن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة رواه الجماعة ولفظ ابن ماجة من النسب. وعن عائشة: أن أفلح أخا أبي القعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب قالت: فأبيت أن آذن له، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبرته بالذي صنعت فأمرني أن آذن له رواه الجماعة. وعن الإمام علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله حرم من الرضاع ما حرم من النسب رواه أحمد والترمذي وصححه.
قوله: أريد بضم الهمزة والذي أراد من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتزوجها هو علي رضي الله عنه كما في صحيح مسلم، وقد اختلف في اسم ابنة حمزة على