طهر قد مسها فيه لم يؤمر بالمراجعة وتعقب الحافظ ذلك بثبوت الخلاف فيه كما حكاه الحناطي من الشافعية وجها. قوله " ثم ليطلقها طاهرا أو حاملا " ظاهره جواز الطلاق حال الطهر ولو كان هو الذي يلي الحيضة التي طلقها فيها وبه قال أبو حنيفة وهو إحدى الروايتين عن أحمد وأحد الوجهين عن الشافعية وذهب أحمد في أحدي الروايتين عنه والشافعية في الوجه الآخر وأبو يوسف ومحمد إلى المنع وحكاه صاحب البحر عن القاسمية وأبي حنيفة وأصحابه وفيه نظر فان الذي في كتب الحنفية هو ما ذكرناه من الجواز عن أبي حنيفة والمنع عن أبي يوسف ومحمد واستدل القائلون بالجواز بظاهر الحديث وبان المنع إنما كان لا جل الحيض فإذا طهرت زال موجب التحريم فجاز الطلاق في ذلك الطهر كما يجوز في غيره من الأطهار واستدل المانعون بما في الرواية الثانية من حديث الباب المذكور بلفظ " ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر " الخ وكذلك قوله في الرواية الأخرى " مر عبد الله فليراجعها فإذا اغتسلت " الخ. قوله " فتغيظ " قال ابن دقيق العيد تغيظ النبي صلى الله عليه وآله وسلم اما لأن المعني الذي يقتضى المنع كان ظاهرا فكان مقتضى الحال التثبت في ذلك أو لأنه كان مقتضى الحال مشاورة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك إذا عزم عليه. قوله " ثم يمسكها " أي يستمر بها في عصمته حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر. وفي رواية للبخاري " ثم ليدعها حتى تطهر ثم تحيض حيضة أخري فإذا طهرت فليطلقها " قال الشافعي غير نافع إنما روى " حتى تطهر من الحيضة التي طلقها فيها ثم إن شاء أمسكها وان شاء طلق " رواه يونس ابن جبير وابن سيرين وسالم. قال الحافظ وهو كما قال لكن رواية الزهري عن سالم موافقة لرواية نافع وقد نبه علي ذلك أبو داود والزيادة من الثقة مقبولة ولا سيما إذا كان حافظا (وقد اختلف) في الحكمة في الامر بالامساك كذلك فقال الشافعي يحتمل أن يكون أراد بذلك أي بما في رواية نافع أن يستبرئها بعد الحيضة التي طلقها فيها بطهر تام ثم حيض تام ليكون تطليقها وهي تعلم عدتها اما بحمل أو بحيض أو ليكون تطليقها بعد عامه بالحمل وهو غير جاهل بما صنع أو ليرغب في الحمل إذا انكشفت حاملا فيمسكها لأجله. وقيل الحكمة في ذلك أن لا تصير الرجعة لغرض الطلاق فإذا أمسكها زمانا يحل له فيه طلاقها ظهرت فائدة
(٦)