وأجيب عن ذلك بأجوبة منها ان في اسناده محمد بن إسحاق ورد بأنهم قد احتجوا في غير واحد من الاحكام بمثل هذا الاسناد ومنها معارضته لفتوى ابن عباس المذكورة في الباب ورد بأن المعتبر روايته لا رأيه ومنها ان أبا داود رجح ان ركانة إنما طلق امرأته البتة كما تقدم ويمكن أن يكون من روى ثلاثا حمل البتة علي معني الثلاث وفيه مخالفة للظاهر والحديث نص في محل النزاع (واستدلوا) أيضا بحديث ابن عباس المذكور في الباب ان الطلاق كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلي آخره وقد أجيب عنه بأجوبة منها ما نقله المصنف رحمه الله في هذا الكتاب بعد اخراجه له ولفظه وقد اختلف الناس في تأويل هذا الحديث فذهب بعض التابعين إلى ظاهره في حق من لم يدخل بها كما دلت عليه رواية أبى داود وتأوله بعضهم على صورة تكرير لفظ الطلاق بأن يقول أنت طالق أنت طالق أنت طالق فإنه يلزمه واحدة إذا قصد التوكيد وثلاث إذا قصد تكرير الايقاع فكان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر على صدقهم وسلامتهم وقصدهم في الغائب الفضيلة والاختيار ولم يظهر فيهم خب ولا خداع وكانوا يصدقون في إرادة التوكيد فاما رأى عمر في زمانه أمور ظهرت وأحوالا تغيرت وفشا ايقاع الثلاث جملة بلفظ لا يحتمل التأويل ألزمهم الثلاث في صورة الكرير إذ صار الغالب عليهم قصدها وقد أشار إليه بقوله أن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة. وقال أحمد بن حنبل كل أصحاب ابن عباس رووا عنه خلاف ما قال طاوس سعيد بن جبير ومجاهد ونافع عن ابن عباس بخلافه وقال أبو داود في سننه صار قول ابن عباس فيما حدثنا أحمد بن صالح قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد ابن عبد الرحمن بن ثوبان عن محمد بن أياس ان ابن عباس وأبا هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص سئلوا عن البكر يطلقها زوجها ثلاثا فكلهم قال لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره انتهى كلام المصنف. وقوله وتأويله بعضهم على صورة تكرير لفظ الطلاق الخ هذا البعض الذي أشار إليه هو ابن سريج وقد ارتضى هذا الجواب القرطبي وقال النووي انه نواه يصدق أصح الأجوبة ولا يخفي ان من جاء بلفظ يحتمل التأكيد وادعى انه نواه يصدق في دعواه ولو في آخر الدهر فكيف بزمن خير القرون ومن يليهم وان جاء بلفظ لا يحتمل التأكيد لم يصدق إذا ادعى التأكيد من غير
(١٨)