الرضعات بلفظ يحرمن كذلك ولو سلم استواء المفهومين وعدم انتهاض أحدهما كان المتوجه تساقطهما، وحمل ذلك المطلق على الخمس لا على ما دونها إلا أن يدل عليه دليل، ولا دليل يقتضي أن ما دون الخمس يحرم إلا مفهوم قولت: لا تحرم الرضعة والرضعتان والمفروض أنه قد سقط، نعم لا بد من تقييد الخمس الرضعات بكونها في زمن المجاعة لحديث عائشة الآتي في الباب الذي بعد هذا. وأما حديث ابن مسعود عند أبي داود مرفوعا: لا رضاع إلا ما انتشر العظم وأنبت اللحم فيجاب بأن الانبات والانشار إن كانا يحصلان بدون الخمس، ففي حديث الخمس زيادة يجب قبولها والعمل بها وإن كانا لا يحصلان إلا بزيادة عليها، فيكون حديث الخمس مقيدا بهذا الحديث لولا أنه من طريق أبي موسى الهلالي عن أبيه عن ابن مسعود. وقد قال أبو حاتم:
إن أبا موسى وأباه مجهولان. وقد أخرجه البيهقي من حديث أبي حصين عن أبي عطية قال: جاء رجل إلى أبي موسى فذكره بمعناه، وهذا على فرض أنه يفيد ارتفاع الجهالة عن أبي موسى لا يفيد ارتفاعها عن أبيه، فلا ينتهض الحديث لتقييد أحاديث الخمس بإنشار العظم وإنبات اللحم. وفي حديث عائشة المذكور في قصة سالم دليل على أن إرضاع الكبير يقتضي التحريم وسيأتي تحقيق ذلك.
باب ما جاء في رضاعة الكبير عن زينب بنت أم سلمة قالت: قالت أم سلمة لعائشة: إنه يدخل عليك الغلام الأيفع الذي ما أحب أن يدخل علي، فقالت عائشة: أما لك في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسوة حسنة؟ وقالت: إن امرأة أبي حذيفة قالت: يا رسول الله إن سالما يدخل علي وهو رجل وفي نفس أبي حذيفة منه شئ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أرضعيه حتى يدخل عليك رواه أحمد ومسلم. وفي رواية عن زينب عن أمها أم سلمة: أنها قالت: أبى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يدخلن عليهن أحدا بتلك الرضاعة وقلن لعائشة: ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لسالم خاصة