ذروها ذميمة. وأخرج مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: دار سكناها والعدد كثير والمال وافر فقل العدد وذهب المال، فقال: دعوها فإنها ذميمة وله شاهد من حديث عبد الله بن شداد بن الهاد أحد كبار التابعين أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح. قال النووي: اختلف العلماء في حديث الشؤم في ثلاث: فقال مالك رحمه الله: هو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تبارك وتعالى سكناها سببا للضرر أو الهلاك، وكذا اتخاذ المرأة المعينة أو الفرس أو الخادم قد يحصل الهلاك عنده بقضاء الله تعالى. وقال الخطابي: قال كثيرون هو في معنى الاستثناء من الطيرة، أي الطيرة منهي عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها، أو امرأة يكره صحبتها، أو فرس أو خادم، فليفارق الجميع بالبيع ونحوه وطلاق المرأة. وقال آخرون: شؤم الدار ضيقها وسوء جيرانها وأذاهم. وشؤم المرأة عدم ولادتها وسلاطة لسانها وتعرضها للريب.
وشؤم الفرس أن لا يغزى عليها وقيل حرانها وغلاء ثمنها. وشؤم الخادم سوء خلقه وقلة تعهده لما فوض إليه. وقيل: المراد بالشؤم هنا عدم الموافقة. قال القاضي عياض: قال بعض العلماء لهذه الفصول السابقة في الأحاديث ثلاثة أقسام. أحدها ما لم يقع الضرر به ولا اطردت به عادة خاصة ولا عامة فهذا لا يلتفت إليه وأنكر الشرع الالتفات إليه وهو الطيرة. والثاني: ما يقع عنده الضرر عموما لا يخصه ونادرا لا يتكرر كالوباء فلا يقدم عليه ولا يخرج منه. والثالث: يخص ولا يعم كالدار والفرس والمرأة فهذا يباح الفرار منه اه. والراجح ما قاله مالك وهو الذي يدل عليه حديث أنس الذي ذكرنا، فيكون حديث الشؤم مخصصا لعموم حديث لا طيرة، فهو في قوة لا طيرة إلا في هذه الثلاث، وقد تقرر في الأصول أنه يبنى العام على الخاص مع جهل التاريخ، وادعى بعضهم أنه إجماع والتاريخ في أحاديث الطيرة والشؤم مجهول. وما حكاه القاضي عياض في كلامه السابق أن الوباء لا يخرج منه ولا يقدم عليه فلعله يتمسك بحديث النهي عن الخروج من الأرض التي ظهر فيها الطاعون والنهي عن دخولها كما في حديث أسامة بن زيد عند البخاري ومسلم ومالك في الموطأ والترمذي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها. وقد