عثمان: إنه لم يتقيأها حتى شربها، فقال: يا علي قم فاجلده، فقال علي: قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها فكأنه وجد عليه فقال: يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين فقال: أمسك، ثم قال: جلد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي رواه مسلم وفيه من الفقه أن للوكيل أن يوكل، وأن الشهادتين على شيئين إذ آل معناهما إلى شئ واحد جمعنا جائزة كالشهادة على البيع والاقرار به، أو على القتل والاقرار به.
قوله: قد شرب الخمر اعلم أن الخمر يطلق على عصير العنب المشتد إطلاقا حقيقيا إجماعا، واختلفوا هل يطلق على غيره حقيقة أو مجازا؟ وعلى الثاني هل مجاز لغة كما جزم به صاحب المحكم. قال صاحب الهداية من الحنفية: الخمر عندنا ما اعتصر من ماء العنب إذا اشتد وهو المعروف عند أهل اللغة وأهل العلم انتهى. أو من باب القياس على الخمر الحقيقية عند من يثبت التسمية بالقياس. وقد صرح في الراغب أن الخمر عند البعض اسم لكل مسكر، وعند بعض للمتخذ من العنب والتمر، وعند بعضهم لغير المطبوخ، ورجح أن كل شئ يستر العقل يسمى خمرا، لأنها سميت بذلك لمخامرتها للعقل وسترها له، وكذا قال جماعة من أهل اللغة منهم الجوهري وأبو نصر القشيري والدينوري وصاحب القاموس، ويؤيد ذلك أنها حرمت بالمدينة، وما كان شرابهم يومئذ إلا نبيذ البسر والتمر، ويؤيده أيضا أن الخمر في الأصل الستر، ومنه خمار المرأة لأنه يستر وجهها والتغطية، ومنه: خمروا آنيتكم أي غطوها، والمخالطة ومنه خامره داء أي خالطه والادراك، ومنه اختمر العجين أي بلغ وقت إدراكه، قال ابن عبد البر: الأوجه كلها موجودة في الخمر، لأنها تركت حتى أدركت وسكنت، فإذا شربت خالطت العقل حتى تغلب عليه وتغطيه. ونقل عن ابن الاعرابي أنه قال:
سميت الخمر خمرا لأنها تركت حتى اختمرت واختمارها تغير رائحتها. قال الخطابي:
زعم قوم أن العرب لا تعرف الخمر إلا من العنب فيقال لهم: إن الصحابة الذين سموا غير المتخذ من العنب خمرا عرب فصحاء، فلو لم يكن هذا الاسم صحيحا لما أطلقوه انتهى. ويجاب بإمكان أن يكون ذلك الاطلاق الواقع منهم شرعيا، لا لغويا وأما الاستدلال على اختصاص الخمر بعصير العنب بقوله تعالى: * (إني أراني أعصر خمرا) * (يوسف: 36) ففاسد