وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية يعودون فيه فاقتلوهم هم شر البرية. قال الحافظ بعد أن قال إن إسناده جيد له شاهد من حديث جابر أخرجه أبو يعلى ورجاله ثقات. قال: ويمكن الجمع بأن يكون هذا الرجل هو الأول، وكانت قصته هذه الثانية متراخية عن الأولى، وأذن صلى الله عليه وآله وسلم في قتله بعد أن منع لزوال علة المنع وهي التآلف، وكأنه استغنى عنه بعد انتشار الاسلام، كما نهى عن الصلاة على من ينسب إلى النفاق بعد أن كان يجري عليهم أحكام الاسلام قبل ذلك، وكأن أبا بكر وعمر تمسكا بالنهي الأول عن قتل المصلين، وحملا الامر هنا على قيد أن يكون لا يصلي، فلذلك عللا عدم القتل بوجود الصلاة أو غلبا جانب النهي. (وفي أحاديث) الباب دليل على مشروعية الكف عن قتل من يعتقد الخروج على الامام ما لم ينصب لذلك حربا أو يستعد له لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: فإذا خرجوا فاقتلوهم. وقد حكى الطبري الاجماع على ذلك في حق من لا يكفر باعتقاده، وقد اختلف أهل العلم في تكفير الخوارج، وقد صرح بالكفر القاضي أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي فقال: الصحيح أنهم كفار لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: يمرقون من الدين ولقوله: لأقتلنهم قتل عاد. وفي لفظ: ثمود وكل منهما إنما هلك بالكفر. ولقوله: هم شر الخلق ولا يوصف بذلك إلا الكفار. ولقوله: إنهم أبغض الخلق إلى الله تعالى ولحكمهم على كل من خالف معتقدهم بالكفر والتخليد في النار فكانوا هم أحق بالاسم منهم، وممن جنح إلى ذلك من المتأخرين الشيخ تقي الدين السبكي فقال في فتاويه: احتج من كفر الخوارج وغلا الروافض بتكفيرهم أعلام الصحابة لتضمنه تكذيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شهادته لهم بالجنة قال: وهو عندي احتجاج صحيح.
قال: واحتج من لم يكفرهم بأن الحكم بتكفيرهم يستدعي تقدم علمهم بالشهادة المذكورة علما قطعيا وفيه نظر، لأنا نعلم تزكية من كفروه علما قطعيا إلى حين موته، وذلك كاف في اعتقادنا تكفير من كفرهم، ويؤيده حديث من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما. وفي لفظ لمسلم: من رمى مسلما بالكفر أو قال يا عدو الله إلا حاد عليه قال: وهؤلاء قد تحقق منهم أنهم يرمون جماعة بالكفر ممن حصل عندنا القطع بإيمانهم، فيجب أن يحكم بكفرهم بمقتضى خبر الشارع وهو