رضي الله عنه حتى أفضى ذلك إلى أن الخوارج وبعض المعتزلة أنكروا ثبوت مشروعية الرجم كما سلف. وقد أخرج عبد الرزاق والطبراني عن ابن عباس أن عمر قال: سيجئ أقوام يكذبون بالرجم. وفي رواية للنسائي: وإن ناسا يقولون ما بال الرجم فإن ما في كتاب الله تعالى الجلد وهذا من المواطن التي وافق حدس عمر فيها الصواب، وقد وصفه صلى الله عليه وآله وسلم بارتفاع طبقته في ذلك الشأن كما قال: إن يكن في هذه الأمة محدثون فمنهم عمر قوله: إذا قامت البينة أي شهادة أربعة شهود ذكور بالاجماع. قوله: أو كان الحبل بفتح المهملة والموحدة وفي رواية الحمل، وقد استدل بذلك من قال: المرأة تحد إذا وجدت حاملا ولا زوج لها ولا سيد ولم تذكر شبهة، وهو مروي عن عمر ومالك وأصحابه قالوا: إذا حملت ولم يعلم لها زوج ولا عرفنا إكراهها لزمها الحد إلا أن تكون غريبة وتدعي أنه من زوج أو سيد. وذهب الجمهور إلى أن مجرد الحبل لا يثبت به الحد بل لا بد من الاعتراف أو البينة، واستدلوا بالأحاديث الواردة في درء الحدود بالشبهات. (والحاصل) أن هذا من قول عمر، ومثل ذلك لا يثبت به مثل هذا الامر العظيم الذي يفضي إلى هلاك النفوس وكونه قال في مجمع من الصحابة ولم ينكر عليه لا يستلزم أن يكون إجماعا كما بينا ذلك في غير موضع من هذا الشرح، لأن الانكار في مسائل الاجتهاد غير لازم للمخالف، ولا سيما والقائل بذلك عمر، وهو بمنزلة من المهابة في صدور الصحابة وغيرهم، اللهم إلا أن يدعي أن قوله إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف من تمام ما يرويه عن كتاب الله تعالى، ولكنه خلاف الظاهر، لأن الذي كان في كتاب الله هو ما أسلفنا في أول كتاب الحدود. وقد أجاب الطحاوي بتأويل ذلك، على أن المراد أن الحبل إذا كان من زنا وجب فيه الرجم، ولا بد من ثبوت كونه من زنا، وتعقب بأنه يأبى ذلك جعل الحبل مقابلا للبينة والاعتراف. قوله: أو الاعتراف قد تقدم الخلاف في مقداره وما هو الحق.
باب من أقر أنه زنى بامرأة فجحدت عن سهل بن سعد: أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إنه قد زنى