تأويل فهو كافر مرتد يخلد في جهنم بالاجماع، وإن كان غير مستحل بل معتقدا تحريمه فهو فاسق عاص مرتكب كبيرة جزاؤها جهنم خالدا فيها، لكن تفضل الله تعالى وأخبر أنه لا يخلد من مات موحدا فيها، فلا يخلد هذا ولكن قد يعفى عنه، ولا يدخل النار أصلا، وقد لا يعفى عنه بل يعذب كسائر عصاة الموحدين ثم يخرج معهم إلى الجنة ولا يخلد في النار، قال: فهذا هو الصواب في معنى الآية، ولا يلزم من كونه يستحق أن يجازى بعقوبة مخصوصة أن يتحتم ذلك الجزاء، وليس في الآية إخبار بأنه يخلد في جهنم، وإنما فيها أنها جزاؤه أي يستحق أن يجازى بذلك، وقيل وردت الآية في رجل بعينه، وقيل المراد بالخلود طول المدة لا الدوام، وقيل معناها هذا جزاؤه إن جازاه، وهذه الأقوال كلها ضعيفة أو فاسدة لمخالفتها حقيقة لفظ الآية ثم قال: فالصواب ما قدمناه اه كلام النووي. وينبغي أن نتكلم أولا في معنى الخلود ثم نبين ثانيا الجمع بين هذه الآية وبين ما خالفها فنقول: معنى الخلود الثبات الدائم، قال في الكشاف عند الكلام على قوله تعالى: * (ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون) * (البقرة: 25) ما لفظه: والخلد الثبات الدائم والبقاء اللازم الذي لا ينقطع، قال الله تعالى: * (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون) * (الأنبياء: 34) وقال امرؤ القيس.
ألا أنعم صباحا أيها الطلل البالي وهل ينعمن من كان في العصر الخالي وهل ينعمن إلا سعيد مخلد قليل الهموم لا يبيت على حال وقال في القاموس: وخلد خلودا دام اه. وأما بيان الجمع بين هذه الآية وما خالفها فنقول: لا نزاع أن قوله تعالى: * (ومن يقتل مؤمنا) * (النساء: 93) من صيغ العموم الشاملة للتائب وغير التائب بل للمسلم والكافر، والاستثناء المذكور في آية الفرقان أعني قوله تعالى: * (إلا من تاب) * (الفرقان: 70) بعد قوله تعالى: * (ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ) * (الفرقان: 68) مختص بالتائبين فيكون مخصصا لعموم قوله تعالى: * (ومن يقتل مؤمنا) * إما على ما هو المذهب الحق من أنه ينبني العام على الخاص مطلقا تقدم أو تأخر، أو قارن فظاهر ، وأما على مذهب من قال: إن العام المتأخر ينسخ الخاص المتقدم، فإذا سلمنا تأخر قوله تعالى: * (ومن يقتل مؤمنا) * على آية الفرقان، فلا نسلم تأخرها عن العمومات القاضية بأن القتل مع التوبة من جملة ما يغفره الله كقوله تعالى: * (يا عبادي الذين أسرفوا على