خيالا والخيال لا حقيقة له، فقال: يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى. قالوا: روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سحر حتى كان لا يدري ما يقول، قلنا:
رواية ضعيفة اه كلام البحر. ويجاب عنه بأن الحديث صحيح كما سيأتي، ويأتي أيضا أن مذهب جمهور العلماء أن للسحر تأثيرا وهو الحق كما يأتي بيانه انتهى.
قوله: عن الزمزمة بزايين معجمتين مفتوحتين بينهما ميم ساكنة، قال في القاموس: الزمزمة الصوت البعيد له دوي وتتابع صوت الرعد وهو أحسنه صوتا وأثبته مطرا وتراطن العلوج على أكلهم وهم صموت لا يستعملون لسانا ولا شفة، لكنه صوت تديره في خياشيمها وحلوقها فيفهم بعضها عن بعض اه. قوله:
فلم يقتل من صنعه الخ، استدل به من قال: إنه لا يقتل الساحر، ويجاب عنه بما سيأتي قريبا، وأيضا ليس في ذلك دليل لأن غايته جواز الترك لا عدم جواز الفعل، فيمكن الجمع على فرض عد علم التاريخ بأن القتل للساحر جائز لا واجب.
وعن عائشة قالت: سحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أنه ليخيل إليه أنه فعل الشئ وما فعله حتى إذا كان ذات يوم وهو عندي دعا الله ودعا ثم قال: أشعرت يا عائشة أن الله قد أفتاني فيما استفتيته؟ قلت: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رجلي ثم قال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم اليهودي من بني زريق، قال: فيما ذا؟ قال: في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر، قال: فأين هو ؟ قال: في بئر ذروان، فذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أناس من أصحابه إلى البئر فنظر إليها وعليها نخل ثم رجع إلى عائشة فقال: والله لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين، قلت: يا رسول الله أفأخرجته؟ قال: لا، أما أنا فقد عافاني الله وشفاني، وخشيت أن أثور على الناس منه شرا، فأمر بها فدفنت متفق عليه. وفي رواية لمسلم قالت فقلت: يا رسول الله أفلا أخرجته؟ قال: لا.
قوله: حتى أنه ليخيل إليه الخ، قال الامام المازري: مذهب أهل السنة وجمهور علماء الأمة إثبات السحر، وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء، خلافا لمن أنكر ذلك وأنكر حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها، وقد ذكره الله تعالى في كتابه، وذكر أنه مما يتعلم، وذكر ما فيه إشارة