بهذا الحديث على تحريم حبس الهرة وما يشابهها من الدواب بدون طعام ولا شراب لأن ذلك من تعذيب خلف الله وقد نهى عنه الشارع. قال القاضي عياض: يحتمل أن تكون عذبت في النار حقيقة أو بالحساب لأن من نوقش الحساب عذب، ولا يخفى أن قوله فدخلت فيها النار يدل على الاحتمال الأول، وقد قيل: إن المرأة كانت كافرة فدخلت النار بكفرها وزيد في عذابها لأجل الهرة. قال النووي: والأظهر أنها كانت مسلمة وإنما دخلت النار بهذه المعصية. قوله: يلهث قال في القاموس: اللهثان العطشان وبالتحريك العطش كاللهث واللهاث، وقد لهث كسمع وكغراب حر العطش وشدة الموت، قال: ولهث كمنع لهثا ولهاثا بالضم أخرج لسانه عطشا أو تعبا أو إعياء كاللهث، واللهثة بالضم التعب والعطش انتهى. قوله: الثرى هو التراب الندي كما في القاموس.
قوله: في كل كبد رطبة الرطب في الأصل ضد اليابس، وأريد به هنا الحياة لأن الرطوبة في البدن تلازمها، وهي كذلك الحرارة في الأصل ضد البرودة، وأريد بها هنا الحياة لأن الحرارة تلازمها، وقد استدل بأحاديث الباب على وجوب نفقة الحيوان على مالكه، وليس فيها ما يدل على الوجوب المدعي. أما حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة الأول الذي أشار إليه المصنف فليس فيهما إلا وجوب إنفاق الحيوان المحبوس على حابسه وهو أخص من الدعوى، اللهم إلا أن يقال: إن مالك الحيوان حابس له في ملكه، فيجب الانفاق على كل مالك لذلك ما دام حابسا له لا إذا سيبه فلا وجوب عليه لقوله في الحديث: ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض كما وقع التصريح بذلك في كتب الفقه، ولكن لا يبرأ بالتسييب إلا إذا كان في مكان معشب يتمكن الحيوان فيه من تناول ما يقوم بكفايته. وأما حديث أبي هريرة الثاني فليس فيه إلا أن المحسن إلى الحيوان عند الحاجة إلى الشراب ويلحق به الطعام مأجور، وليس النزاع في استحقاق الاجر بما ذكر إنما النزاع في الوجوب، وكذلك حديث سراقة بن مالك ليس فيه إلا مجرد الاجر للفاعل وهو يحصل بالمندوب، فلا يستفاد منه الوجوب، غاية الأمر أن الاحسان إلى الحيوان المملوك أولى من الاحسان إلى غيره، لأن هذه الأحاديث مصرحة بأن الاحسان إلى غير المملوك موجب للاجر، وفحوى الخطاب يدل على أن المملوك أولى بالاحسان لكونه محبوسا عن منافع نفسه بمنافع مالكه، وأما أن المحسن إليه أولى بالاجر من المحسن إلى غير المملوك