عروة بن الزبير قال: لقي الزبير سارقا فشفع فيه فقيل له حتى يبلغ الامام، قال: إذا بل الامام فلعن الله الشافع والمشفع. وأخرج ابن أبي شيبة قال الحافظ بسند حسن: أن الزبير وعمارا وابن عباس أخذوا سارقا فخلوا سبيله فقال عكرمة فقلت:
بئس ما صنعتم حين خليتم سبيله، فقالوا: لا أم لك أما لو كنت أنت لسرك أن يخلي سبيلك. وأخرج الدارقطني من حديث الزبير مرفوعا: اشفعوا ما لم يصل إلى الوالي فإذا وصل إلى الوالي فعفا فلا عفا الله عنه. والموقوف أصح، وقد ادعى ابن عبد البر الاجماع على أنه يجب على السلطان الإقامة إذا بلغه الحد، وهكذا حكي الاجماع في البحر. وحكى الخطابي عن مالك أنه فرق بين من عرف بأذية الناس وغيره فقال: لا يشفع في الأول مطلقا ، وفي الثاني تحسن الشفاعة قبل الرفع لا بعده، والراجح عدم الفرق بين المحدودين، وعلى التفصيل المذكور بين قبل الرفع وبعده تحمل الأحاديث الواردة في الترغيب في الستر على المسلم، فيكون الستر هو الأفضل قبل الرفع إلى الامام.
باب أن السنة بداءة الشاهد بالرجم وبداءة الامام به إذا ثبت بالاقرار عن عامر الشعبي قال: كان لشراحة زوج غائب بالشام وأنها حملت فجاء بها مولاها إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: إن هذه زنت واعترفت فجلدها يوم الخميس مائة ورجمها يوم الجمعة وحفر لها إلى السرة وأنا شاهد، ثم قال: إن الرجم سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولو كان شهد على هذه أحد لكان أول من يرمي الشاهد يشهد ثم يتبع شهادته حجره ولكنها أقرت فأنا أول من رماها، فرماها بحجر ثم رمى الناس وأنا فيهم فكنت والله فيمن قتلها رواه أحمد.
الحديث أخرجه أيضا النسائي والحاكم وأصله في صحيح البخاري ولكن بدون ذكر الحفر وما بعده كما تقدم في أول كتاب الحدود من حديث الشعبي، وسيأتي الكلام على الحفر قريبا، وأما كون الشاهد أول من يرمي الزانية المحصن حيث ثبت ذلك بالشهادة فقد ذهب أبو حنيفة والهادوية إلى أن ذلك واجب عليهم، وأن الامام يجبرهم على ذلك لما فيه من الزجر عن التساهل والترغيب في التثبيت،