ما ألزمنا وما كان ربك نسيا. وتعدى حدود الله تعالى لا يحل، ولو كان القياس حقا لكان هذا منه باطلا لان القياس عند القائلين به إنما هو ان يقاس الشئ على نظيره وليس البيع نظير النكاح لأنه يجوز بلا ذكر مهر ولا يجوز البيع بغير ذكر ثمن والمتناكحان لا يملك أحدهما الآخر ولا في النكاح نقل ملك والبيع نقل ملك، وأما الإجارة فإنما هي معاوضة في منافع لم يخلقها الله تعالى بعد ولا يجوز بيع ما لم يخلق بعد ويجوز أن يؤاجر الحر نفسه ولا يحل له أن يبيع نفسه فلا شبه (1) بين الإجارة والنكاح وبين البيع فان علل النهى عن البيع بما يشاغل (2) عن السعي صار إلى قول أبي حنيفة. والشافعي ولزمه أن يجيز من البيع ما لا تشاغل منه عن السعي، ولا قياس عند القائلين به الا على علة فإن لم يعلل بطل القياس، وما نعلم له سلفا في هذا القول، وأما اجازه أبي حنيفة.
والشافعي البيع في الوقت المذكور فخلاف لأمر الله تعالى، ولا نعلم (3) لهم حجة أصلا أكثر من أن قالوا: إنما نهى عن التشاغل عن السعي إلى الصلاة فقط ولو أن امرءا باع في الصلاة لصح البيع قال أبو محمد: وهذان فاسدان من القول جدا أما قولهم: إنما أراد الله بذلك التشاغل عن السعي فقط فعظيم من القول جدا ليت شعري من أخبرهم بذلك وهم يسمعون الله تعالى يقول:
(وان تقولوا على الله ما لا تعلمون) ولو أن الله تعالى أراد ما قالوا لما نهانا عن البيع مطلقا ولا عجز عن بيان مراده من ذلك وما ههنا ضرورة توجب فهم هذا ولا نص فهو باطل محض ودعوى كاذبة بلا برهان: وأما قولهم: لو باع في الصلاة لجاز البيع فتمويه بارد لان المصلى بأول أخذه في الكلام في المساومة بطلت صلاته فصار غير مصل فظهر فساد احتجاجهم جملة، فان قالوا: هذا ندب قلنا: ما دليلكم على ذلك وكيف يقول الله تعالى:
افعل فيقولون: معناه لا تفعل ان شئت؟ أم كيف يقول الله تعالى: لا تفعل فيقولون:
معناه افعل ان شئت؟ وهذا ابطال الحقائق ونفس المعصية وتحريف للكلم (4) عن مواضعه، فان قالوا: قد وجدنا أوامر ونواهي معناها الندب قلنا: نعم بنص آخر بين ذلك (5)، وكذلك وجدنا آيات منسوخات بنص آخر ولم يجب بذلك حمل كل آية على أنها منسوخة ولا على أنها ندب ومن فعل ذلك فقد أبطل ما شاء بلا دليل * روينا من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي نا محمد بن أبي بكر هو المقدمي نا سليمان بن داود نا سليمان بن معاذ نا سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: لا يصلح البيع يوم الجمعة حين ينادى للصلاة فإذا قضيت الصلاة فاشتر وبع (6) ولا نعلم له مخالفا من الصحابة * وعن