يكون أقوى لكم، وكفاكم بالسفياني علامة " (1).
والصحيحة لا تدل على عدم وجوب الدفاع وعدم جواز الخروج، بل تدل على أن الداعي إلى الخروج قد تكون دعوته باطلة بأن يدعو إلى نفسه مثلا مع عدم استحقاقه لما يدعيه، كمن يدعي المهدوية كذبا. وقد تكون دعوته حقة، كدعوة زيد بن علي بن الحسين مثلا، حيث دعا الناس لنقض السلطنة الجائرة وتسليم الحق إلى أهله. فيجب على الأشخاص المدعوين أن ينظروا لأنفسهم ويعملوا الدقة في ذلك، ولا يتأثروا بالأحاسيس والعواطف الآنية. وهذا حكم عقلي فطري، إذ على الإنسان أن يحكم العقل في الأمور المهمة، ولا يقع تحت تأثير الإحساس الآني. فالصحيحة تمضي قيام زيد وتدل على القيام للدفاع عن الحق.
والأخبار في فضائل زيد وعلمه وزهده وامضاء قيامه كثيرة مستفيضة، ولا خصوصية لزيد قطعا، وإنما الملاك هدفه في قيامه وصلاحيته لذلك. فالقيام لنقض الحكومة الفاسدة الجائرة مع إعداد مقدماته جائز، بل واجب.
ثم إن قيام زيد لم يكن قياما إحساسيا عاطفيا أعمى بلا إعداد للقوي والأسباب، فإنه بعث إلى الأمصار وجمع الجموع، والكوفة كانت مقرا لجند الإسلام من القبائل المختلفة، وقد بايعه فيها خلق كثير، قيل أربعون ألفا من أهل السيف، وأما اطلاعه على أنه المصلوب في كناسة الكوفة بإخبار الإمام الباقر والإمام الصادق (عليهما السلام) فلم يكن يجوز تخلفه عن الدفاع عن الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعدما تهيأت له الأسباب. فإن المهم ظفر الإسلام لا ظفر الشخص وغلبته، ولعل شهادته أيضا تؤثر في تقوي الإسلام وبسطه، كما يشاهد