باحتمال أن يكون كلام الفقهاء من باب رعاية الاحتياط والأخذ بالمتيقن، فلا تسري المناقشة إلى الأخبار الكثيرة التي تعرضنا لبعضها، إذ دلالتها على تعين الإمام والحاكم بشرائطه، وكونه المرجع في الأمور مما لا إشكال فيه. ويشهد لذلك الآيات القرآنية المشتملة على أحكام سياسية عامة خوطب بها الجميع مع احتياج تنفيذها إلى القدرة وبسط اليد، كقوله - تعالى -: ﴿إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض﴾ (١) وقوله: ﴿والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله﴾ (2) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الواردة في القتال والدفاع. فهذه الأحكام لا ترتبط بشخص خاص، وقد خوطب بها جميع المسلمين، وحيث يتوقف تنفيذها على بسط اليد والقدرة، فلا محالة يكون المأمور بها والمنفذ لها هو الحاكم الذي يتبلور فيه جميع الأمة.
والنبي (صلى الله عليه وآله) باشر بنفسه إقامة الدولة، وعقد الاتفاقيات والمعاهدات، وبعث العمال والقضاة والجباة لأخذ الزكوات، وجند الجنود وقاتل المشركين والناقضين للعهود من اليهود وغيرهم، وراسل الأمراء والملوك ودعاهم إلى قبول الإسلام والدخول تحت لوائه.
وبالجملة نفس تشريعات الإسلام وقوانينه تشهد على لزوم دولة وحكومة إسلامية تحفظها وتنفذها، وعليه كان العمل في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) وكذا بعده. اللهم إلا أن يدعى إهمال القوانين ونسخها في عصر الغيبة وإن طالت ما طالت، فهل يمكن الالتزام بأن ذلك حكم الله والتكليف الشرعي؟
قال الأستاذ الإمام الخميني (رحمه الله): " مجموعة القوانين لا تكفي لإصلاح