وعلى فرض اعتبار الاجتهاد، فهل يجزي التجزي فيه، أو يعتبر كونه مجتهدا مطلقا؟
أقول: قد يقع الإشكال في أصل فرض التجزي في الاجتهاد بتقريب أن الاجتهاد إن كان عبارة عن الاستنباط الفعلي للأحكام بأن يستخرجها من أدلتها التفصيلية بالفعل أمكن فيه التجزي والتبعض.
وأما إذا أريد به ملكة الاستنباط والقدرة عليه فهي أمر بسيط، وأمرها دائر بين الوجود والعدم، فلا يتصور فيه تبعض.
واستدل لكفاية التجزي بخبر أبي خديجة عن الصادق (عليه السلام): " انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا، فاجعلوه بينكم فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه " (1).
ويرد عليه أنه ورد بنقل آخر وفيه: " اجعلوا بينكم رجلا ممن قد عرف حلالنا وحرامنا، فإني قد جعلته قاضيا " (2). وظاهره اعتبار الاجتهاد المطلق.
والمحتمل قريبا كونهما رواية واحدة، فلا مجال للاستدلال بها للمقام، فيرجع إلى الأصل في المسألة ومقتضاه عدم الكفاية.
وربما يقال: إن الظاهر من قوله: " عرف أحكامنا " و " عرف حلالنا وحرامنا " هو المعرفة الفعلية التفصيلية، ومن الواضح ندرة تحقق ذلك بالنسبة إلى جميع الأحكام فيجزي التجزي بحسب الفعلية قطعا، ولا بأس بهذا القول.