فللقائل بعدم الاعتبار أن يستدل بوجهين:
الأول: إطلاق المقبولة والمشهورة والتوقيع الشريف الآتيات ونحوها مما أستفيد منه الإذن في القضاء للفقيه.
الثاني: استقرار السيرة في زمان النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) على الرجوع والإرجاع إلى آحاد الصحابة من غير لحاظ الأعلمية مع وضوح اختلافهم في الفضيلة.
ويستدل على اعتبار الأعلمية بأمور:
الأول: الأصل في المسألة يقتضي اعتبار الأعلمية فإنه القدر المتيقن.
ويرد عليه أن الأصل لا يقاوم ما مر من الدليلين.
الثاني: أن الظن بقول الأعلم أقوى، وترجيح المرجوح قبيح.
ويرد عليه مضافا إلى منع القوة دائما؛ إذ لعل المفضول يوافق كثيرا من أفاضل الأموات، أنه لا دليل على تعين الأخذ بهذا الرجحان هنا بعد احتمال وجود الرجحان في تسهيل الأمر على الناس بالتخيير بين الأفضل وغيره.
الثالث: ما في كتاب أمير المؤمنين (عليه السلام) لمالك: " ثم اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور ولا تمحكه الخصوم ولا يتمادى في الزلة... " (1).
ويرد عليه أنه لا دلالة فيه على اعتبار الأعلمية، إذ المراد بالأفضل في كلامه (عليه السلام) من اشتمل على صفات كمالية عديدة ذكرها (عليه السلام) كما يظهر بالمراجعة. ولو سلم شمول إطلاقه للأعلمية أيضا فهو في مقام بيان وظيفة الوالي، فلا يدل على تكليف المتخاصمين.
الرابع: بعض الروايات الدالة على تقديم الأفقه على غيره: ففي مقبولة عمر