وإنما تكون آراء الفقهاء والمجتهدين طرقا محضة قد تصيب الواقع وقد تخطئه، وليس الحكم الواقعي تابعا لمفاد الطريق، مجعولا على وفقه كيفما كان، هذا ما عليه أصحابنا الإمامية، ويسمون بذلك مخطئة.
وأما علماء السنة ففيهم خلاف: بعضهم مخطئة وبعض منهم مصوبة.
قال الإمام الغزالي: " الذي ذهب إليه محققوا المصوبة أنه ليس في الواقعة التي لا نص فيها، حكم معين يطلب بالظن، بل الحكم يتبع الظن. وحكم الله على كل مجتهد ما غلب على ظنه، وهو المختار، إليه ذهب القاضي " (1).
وقال ابن حزم الأندلسي: "... ومن ادعى أن الأقوال كلها حق وأن كل مجتهد مصيب، فقد قال قولا لم يأت به قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا معقول، وما كان هكذا فهو باطل " (2).
ويدل على التخطئة - مضافا إلى وضوحها، فإن الاجتهاد في الحكم واستنباطه متفرع على وجوده واقعا في الرتبة السابقة، فلا يعقل كونه تابعا له - ما في نهج البلاغة: " ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه، ثم ترد بذلك القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلافه، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آرائهم جميعا، وإلههم واحد ونبيهم واحد، وكتابهم واحد... " (3).
وما عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " إن الوالي إذا اجتهد فأصاب الحق فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ الحق فله أجر واحد " (4).