عليهم؟ قلت: نعم، جعلت فداك. قال: فقال لي: أتحب بقاءهم حتى يخرج كراؤك؟
قلت: نعم، قال: من أحب بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم ورد النار... " (1). إلى غير ذلك من الروايات الدالة على حرمة إعانة الظالمين ومساعدتهم وحب بقائهم، ولا يخفى أن إطاعة الظالم في أوامره الولائية من أشد مراتب الإعانة. وحيث إن الحكومة لابد منها وإطاعة الحاكم من لوازمها ومقوماتها فلا محالة يستلزم ذلك وجوب السعي في إسقاط الحكومة الظالمة الجائرة، حتى يخلفها حكومة عادلة.
وكيف كان، فقد تحصل مما ذكرناه أن أخطاء الحاكم الذي بدأت حكومته مشروعة إن كانت جزئية شخصية لا تمس كرامة الإسلام والمسلمين، فالحكم بانعزاله أو جواز الخروج عليه لذلك مشكل.
وإما إذا انحرف انحرافا كليا وصار أساس حكمه الاستبداد والأهواء، وانطبق عليه عنوان الطاغوت فحينئذ يجري فيه مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وربما يصل الأمر إلى الكفاح المسلح وإسقاطه وإقامة دولة حقة مكانه. وبعض الوجوه التي ذكرناها وإن كان قابلا للمناقشة ولكن يظهر من المجموع ومن تتبع آيات الجهاد وأخباره وموارده، ومن أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) ولا سيما أمير المؤمنين والسبط الشهيد (عليهما السلام) أن إقامة الحكومة الحقة وقطع جذور الفساد والجور مطابق لروح الإسلام ومذاق الشرع، فيجب إعداد مقدماتها والاقدام عليها بقدر الوسع.
وأما الأخبار التي حكيناها في صدر المسألة من صحيح مسلم وغيره، فان أريد بها ما ذكرناه من التفصيل فهو، وإلا وجب رد علمها إلى أهلها.
وليس كل ما يروى وينسب إلى النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أو إلى الأئمة أو الصحابة بصحيح، بل يجب عرضه على الكتاب العزيز، فما خالفه زخرف وباطل. ويجب