الثاني: أن الحاكم إنما يتصدى ويتدخل في الأمور العامة الاجتماعية التي لابد منها للمجتمع بما هو مجتمع، وأما الأمور والأحوال غير العامة كالزراعة والصناعة والتجارة والأرزاق والمسكن والمصنع واللباس والزواج والتعليم والتعلم والمسافرات والاحتفالات ونحو ذلك من الأمور المتعلقة بالأشخاص والعائلات، فالناس في انتخابها وانتخاب أنواعها وكيفياتها أحرار، ولكل منهم أن يختار ما يريده ويهواه ما لم يكن فيه منع شرعي.
اللهم إلا إذا فرض شئ منها في مورد خاص موجبا للأضرار بالمجتمع أو ببعض الأفراد؛ فللحاكم حينئذ تحديده في ذلك المورد بمقدار يدفع به الضرر (1).
نعم، يتوقع من الحكومة بل ربما يتعين عليها بالنسبة إلى هذه الأمور التخطيط الكلي والتعليم والإرشاد والهداية إلى أنواعها وطرق تحصيلها وبيان أنفعها والأصلح منها، والإعانة وإيجاد الإمكانات لها لدى الاحتياج، والمنع عما حرمه الله - تعالى - من الربا والاحتكار والتطفيف والغش والخيانة ونحو ذلك.
ولكنك تشاهد أن أكثر الحكومات الدارجة في أعصارنا ربما يتدخلون في هذه