4 - ولما بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) معاذ بن جبل إلى اليمن وصاه فقال: " يا معاذ، علمهم كتاب الله وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة، وانزل الناس منازلهم:
خيرهم وشرهم. وانفذ فيهم أمر الله ولا تحاش في أمره ولا ماله أحدا، فإنها ليست بولايتك ولا مالك، وأد إليهم الأمانة في كل قليل وكثير. وعليك بالرفق والعفو في غير ترك الحق، يقول الجاهل: قد تركت من حق الله واعتذر إلى أهل عملك من كل أمر خشيت أن يقع إليك منه عيب حتى يعذروك. وأمت أمر الجاهلية إلا ما سنه الإسلام. واظهر أمر الإسلام كله صغيره وكبيره. وليكن أكثر همك الصلاة، فإنها رأس الإسلام بعد الإقرار بالدين. وذكر الناس بالله واليوم الآخر. واتبع الموعظة، فإنه أقوى لهم على العمل بما يحب الله. ثم بث فيهم المعلمين. واعبد الله الذي إليه ترجع. ولا تخف في الله لومة لائم... " (1).
5 - وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمرو بن حزم واليا على بني الحارث؛ وكتب له كتابا عهد إليه فيه عهده وأمره فيه بأمره:
" بسم الله الرحمن الرحيم هذا بيان من الله ورسوله، يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود، عهد من محمد النبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن، أمره بتقوى الله في أمره كله، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون. وأمره أن يأخذ بالحق كما أمره الله، وأن يبشر الناس بالخير ويأمرهم به، ويعلم الناس القرآن ويفقههم فيه. وينهى الناس؛ فلا يمس القرآن إنسان إلا وهو طاهر. ويخبر الناس بالذي لهم والذي عليهم. ويلين للناس في الحق، ويشتد عليهم في الظلم، فإن الله كره الظلم ونهى عنه فقال: (ألا لعنة الله على الظالمين). ويبشر الناس بالجنة وبعملها، وينذر الناس النار وعملها. ويستألف الناس حتى يفقهوا في الدين... وأمره أن يأخذ من المغانم