فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا، إن الله يحب المقسطين) (1). وتعليق الحكم على الوصف يشعر بالعلية بل يدل عليها. فيعلم بذلك أن الملاك في وجوب القتال أو جوازه هو البغي والطغيان، سواء كان من ناحية طائفة على أخرى، أو من ناحية الأفراد أو الطوائف على الولاة، أو من ناحية الولاة على الأمة. ولذلك تعدى الأصحاب والفقهاء منه إلى بغي الفرد أو الطائفة على الإمام. ومن لفظ الآية الشريفة اقتبسوا اسم البغاة.
نعم، يمكن المناقشة بأن الأمر الواقع في مقام توهم الحظر لا يستفاد منه أزيد من الجواز، ولكن الجواز يكفينا في المقام.
فإن قلت: مورد آية البغي وكذا آية المحاربة صورة وجود الحرب فعلا، وأما الحاكم الجائر فالخروج عليه إشعال لنائرة الحرب.
قلت: إذا انحرف الحاكم عن مسير الحق والإسلام وضيع الحدود والحقوق فلا محالة يحصل في ملكه الفساد والفحشاء والبغي على الضعفة كثيرا، بل ربما خيف منه ومن عماله على بيضة الإسلام وكيان المسلمين، وأي شئ أشد وأفحش من ذلك؟
السادس: قيام سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) وثورته على يزيد بن معاوية، مع أنه كان يحكم باسم الإسلام وربما كان يقيم الشعائر. والحسين الشهيد عندنا إمام معصوم، وعمله حجة شرعية كقوله، وقد بين هو (عليه السلام) أهدافه من ثورته.
فقد روى أن الحسين (عليه السلام) خطب أصحابه وأصحاب الحر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أيها الناس، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله. ألا وإن