والذي أوجب تنفر المسلمين ولا سيما علمائهم وفقهائهم الملتزمين بالدين من اسم الحكومة، وصار سببا لانزوائهم وانعزالهم عن ميدان السياسة والحكم هو:
1 - ما رأوه وشاهدوه من غلبة الطواغيت والجبابرة طوال القرون المتمادية على البلاد الإسلامية، فصار وجه الحكومة مشوها بذلك عندهم.
2 - ما صنعه وارتكبه علماء السوء وطلاب الدنيا من التقرب إلى بلاط سلاطين الجور، وتبرير ظلمهم وجناياتهم.
3 - ما روجته وأصرت عليه أيادي الاستعمار وعملاؤه من فصل الدين عن السياسة، وحصره في بعض العبادات الصورية والمراسيم والآداب الشخصية.
فصار كل ذلك سببا لحبس الفقهاء في زوايا المدارس والبيوت، وغفلوا عن هذه الفريضة بحيث خلت من بحثها أيضا موسوعاتهم إلا نادرا أو استطرادا، فترى المحقق النراقي طاب ثراه مثلا خص عائدة من كتابه المسمى ب " العوائد " بالبحث في ولاية الفقيه. والشيخ الأعظم الأنصاري طاب ثراه أيضا تعرض لها إجمالا في كتاب البيع في مسألة بيع مال اليتيم. وألف فيها المحقق النائيني (قدس سره) رسالة مختصرة، بالنسبة إلى عصره فريدة. وتعرض للمسألة أيضا بنحو الإجمال السيد الأستاذ المرحوم آية الله العظمى البروجردي (قدس سره) أثناء بحثه في صلاة الجمعة. ولكن كل هذه الأبحاث كانت أبحاثا إجمالية، إلى أن بحث فيها السيد الأستاذ الإمام آية الله العظمى الخميني (قدس سره) بالتفصيل بنحو بديع.
فعلى العلماء والفضلاء والملتزمين والأساتذة والشبان المثقفين في المجالات المختلفة أن يقوموا لله - تعالى - ويصرفوا طاقاتهم في تعلم سياسة البلاد والعباد، والاطلاع على مسائل الزمان وحاجاتها وأحكام القضاء وفنون الاقتصاد وأحكامها، فالله - تعالى - لا يقبل اعتذارنا بعد حكم العقل والشرع