الحكم إلا لله، يقص الحق وهو خير الفاصلين) (1) إلى غير ذلك من الآيات الشريفة.
الثاني: أن العقل يحكم بحسن إرشاد الغير، ويحكم أيضا بحسن إطاعة من يرشد الإنسان ويريد صلاحه. والعقلاء يذمون الإنسان إذا ترك المصالح المهمة التي أراه إياها غيره.
الثالث: أن العقل يرى تعظيم المنعم وشكره حسنا، وترك ذلك قبيحا، ولو فرض أن ترك إطاعة المنعم صارت سببا لعقوقه وأذاه، فالعقلاء يذمون الإنسان على تركها ولعل وجوب إطاعة الوالدين أيضا من هذا القبيل، وأن العقلاء يرون حسن إطاعتهما بل لزومها لذلك. وإذا كان هذا حكم الوالد الجسماني، فالآباء الروحانيون وأولياء النعم المعنوية كالأنبياء وأئمة العدل بطريق أولى.
الرابع: أن الإنسان مدني بالطبع، ولا يتيسر له إدامة حياته إلا في ظل التعاون والاجتماع، ولازم الاجتماع غالبا التضاد في الأهواء والتضارب والصراع، فيحتاج لا محالة إلى حاكم يدبر الأمور ويرفع المظالم، فتجب إطاعته بحكم العقل، لا سيما إذا عاهدوه على ذلك، إذ الفطرة حاكمة بلزوم الوفاء بالعهد.
والحاصل: أنا لو اعتبرنا الأصل في المسألة عدم ولاية أحد على أحد، فإن الولاية بالأخرة تثبت بحكم العقل.