على ما صنع بهم، مكابرة لقضائه ومغالة لآلائه. فإنهم قواعد أساس العصبية ودعائم أركان الفتنة وسيوف اعتزاء الجاهلية. فاتقوا الله ولا تكونوا لنعمه عليكم أضدادا ولا لفضله عندكم حسادا، ولا تطيعوا الأدعياء الذين شربتم بصفوكم كدرهم وخلطتم بصحتكم مرضهم، وأدخلتم في حقكم باطلهم، وهم أساس الفسوق وأحلاس العقوق، اتخذهم إبليس مطايا ضلال وجندا بهم يصول على الناس وتراجمة ينطق على ألسنتهم استراقا لعقولكم ودخولا في عيونكم ونفثا في أسماعكم " (1). فتأمل في هذا الحديث الشريف، وانظر كيف تنطبق مضامينه على الرؤساء الطغاة الحاكمين في أعصارنا، وكيف يصول بهم الشيطان على الناس!
وحيث لا تجوز إطاعتهم فلا محالة يجب إسقاط الحكومة المسرفة الفاسدة لتخلفها الحكومة العادلة الصالحة المفترض طاعتها. واسقاطها من السلطة لا يتحقق غالبا إلا بالكفاح المسلح.
فإن قلت: لعل النهي في الآيات والروايات متوجه إلى إطاعة أهل الإثم والفساد في خصوص ما أمروا به من الإثم، فلا ينال في ذلك وجوب طاعتهم في الشؤون الاجتماعية التي يتوقف عليها حفظ النظام.
قلت: ظاهر الآيات والروايات حرمة طاعتهم بنحو الإطلاق في كل ما أمروا به. ولا تستغرب أن ينهى الشارع عن إطاعتهم بالكلية حتى في الأمور التي تكون صلاحا بالذات حذرا من استحكام دولتهم وحكومتهم بذلك.
الثاني: أن الحكومة الإسلامية إنما شرعت لتنفيذ أحكام الإسلام وإقامة العدل في الأمة، كما يشهد بذلك صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام). فإنه بعدما حكم ببناء الإسلام على خمس وسئل (عليه السلام) عن أفضلها قال: " الولاية أفضل، لأنها