ليس جدلا بأمر باطل خلاف الواقع، كما مر.
وما في تاريخ الطبري بسنده عن محمد بن الحنفية، قال: " كنت مع أبي حين قتل عثمان فقام فدخل منزله فأتاه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالوا: إن هذا الرجل قد قتل، ولابد للناس من إمام، ولا نجد اليوم أحدا أحق بهذا الأمر منك، لا أقدم سابقة ولا أقرب من رسول الله (صلى الله عليه وآله). فقال: " لا تفعلوا، فإني أكون وزيرا خير من أن أكون أميرا. فقالوا: لا والله، ما نحن بفاعلين حتى نبايعك. قال: ففي المسجد فإن بيعتي لا تكون خفيا (خفية) ولا تكون إلا عن رضى المسلمين " (1).
فجعل (عليه السلام) لرضى المسلمين اعتبارا وجعل الإمامة ناشئة منه.
وما في كتاب الحسن بن علي (عليهما السلام) إلى معاوية: " إن عليا لما مضى لسبيله...
ولاني المسلمون الأمر بعده... فدع التمادي في الباطل وادخل فيما دخل فيه الناس من بيعتي فإنك تعلم أني أحق بهذا الأمر منك " (2).
يظهر من الحديث أن التولية حق للمسلمين. والاعتراض على ذلك بكونه جدلا قد مر الجواب عنه، إلى غير ذلك من الموارد التي يعثر عليها المتتبع في خلال الروايات.
واعلم أنه ليس الغرض الاستدلال بكل واحد واحد من هذه الأخبار المتفرقة حتى يناقش في سندها أو دلالتها، بل المقصود أنه يستفاد من مجموع هذه الأخبار الموثوق بصدور بعضها إجمالا كون انتخاب الأمة أيضا طريقا عقلائيا لانعقاد الإمامة والولاية، وقد أمضاه الشارع أيضا (3)، فلا ينحصر الطريق