وقدرة الشخص على ذلك تتوقف أولا: على استعداده لذلك بالذات، ويسمى ذلك الشم السياسي. وثانيا: على الإحاطة بكيفية العمل ونوعه، والاطلاع على نفسيات أمته وحاجاتهم، وشرائط الزمان والبيئة. وثالثا: على الشجاعة النفسية وقوة الإرادة، حتى يتمكن من اتخاذ القرار في المسائل المهمة ولا يضعف. ورابعا: على سلامة الحواس والأعضاء من السمع والبصر واللسان ونحوها، بمقدار ما يرتبط بعمله المفوض إليه، أو يوجب عدمه شينا يسبب نفرة الناس منه.
أضف إلى جميع ذلك صفة الحلم، فإنه لو كان الشخص جافيا غضوبا قطع الأمة بجفائه. والظاهر أن التعبير بحسن الولاية والقوة المذكورين في بعض الأخبار الآتية أحسن تعبير يستفاد منه جميع ما ذكر، فنذكرها بعنوان شرط واحد، مضافا إلى اشتراك رواياتها غالبا كما يظهر لك. ولا يخفى أن المراد بالعلم هنا الاطلاع على المسائل الجزئية وفنون السياسة وحوادث الزمان.
ويدل على اعتبار القوة بسعتها مضافا إلى حكم العقل، أيضا الكتاب والسنة:
١ - قال - تعالى - حكاية عن يوسف (عليه السلام): ﴿قال اجعلني على خزائن الأرض، إني حفيظ عليم﴾ (١) والظاهر أنه يقصد أنه أمين في حفظ الحزائن والأموال، عليم بفنون حفظها وصرفها في مصارفها اللازمة.
٢ - وقال - تعالى - حكاية عن بنت شعيب في حق موسى (عليه السلام): ﴿قالت إحديهما يا أبت استأجره، إن خير من استأجرت القوي الأمين﴾ (2) فإذا اشترطت القوة في راعي الغنم بحكم الفطرة، فاشتراطها في والي الأمة بطريق أولى كما