وهذا أيضا مذهب السيد المرتضى رضي الله عنه على ما حكاه عنه، ذكره في انتصاره مثل ما ذكره شيخه المفيد، وشرحه كشرحه، وفصل أحواله كتفصيله، وصوره كتصويره، حرفا فحرفا، ثم قال في استدلاله على صحة المسألة. والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه الإجماع المتردد، وأيضا فإن باقي الفقهاء عولوا عند إشكال الأمر وتقابل الأمارات على رأي وظن وحسبان، وعولت الإمامية فيما يحكم به في الخنثى على نصوص وشرع محدود، فقولها على كل حال أولى. هذا آخر كلام السيد المرتضى (1).
ألا ترى أرشدك الله إلى الخيرات استدلال هذين العالمين القدوتين بإجماع الإمامية على صحة القول في هذه المسألة، وفساد قول من خالفهما فيه. وإلى ما ذهبا إليه أذهب، وعليه أعمل، وبه أفتي، إذا الدليل يعضده، والحجة تسنده، وهو الإجماع المشار إليه، والخبر المتفق عليه، وقد كان في بعض أصحابنا الماضين رحمهم الله يتعاطى معرفة مسائل الخناثي، والضرب لها واستخراج سهامهم بغير انكسار، وكنا نجيل في ذلك سهامنا مع سهامهم متبعين كلامهم قبل إعمال نظرنا في المسألة، إذ الإذن البكر تقبل ما يرد عليها بلا روية ولا نظر، وهذا غير محمود عقلا وشرعا، فحيث تأملنا المسألة وأعطينا النظر حقه وسبرنا أقاويل أصحابنا وكتبهم، وجدناها بخلاف ما كنا عليه، فكشفنا قناع صحتها، وأوضحنا غياهيب ظلمتها.
وأيضا فالدليل على أصل المسألة قول الله سبحانه ممتنا به على خلقه وعباده " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء " (2) وقال تعالى " يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور " (3) وقال تعالى " أم له البنات ولكم البنون " (4) وقال " وما خلق الذكر والأنثى " (5) وما قال في امتنانه - والخنثى - وقال " اصطفى البنات على البنين " (6) وقال تعالى " الكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى " (7) فلو كان بعد الأنثى منزلة