فصل في تنفيذ الأحكام وما يتعلق بذلك ممن له إقامة الحدود والآداب المقصود في الأحكام المتعبد بها، تنفيذها، وصحة التنفيذ يفتقر إلى معرفة من يصح حكمه، ويمضي تنفيذه، فإذا ثبت ذلك فتنفيذ الأحكام الشرعية، والحكم بمقتضى التعبد فيها (1) من فروض الأئمة عليهم السلام المختصة بهم دون من عداهم ممن لم يؤهلوا لذلك، فإن تعذر تنفيذها بهم عليهم السلام وبالمأهول لها من قبلهم لأحد الأسباب، لم يجز لغير شيعتهم المنصوبين لذلك من قبلهم عليهم السلام تولى ذلك، ولا التحاكم إليه، ولا التوصل بحكمه إلى الحق، ولا تقليد الحكم مع الاختيار، ولا لمن لم يتكامل له شروط النائب عن الإمام عليه السلام في الحكم من شيعته، وهي العلم بالحق في الحكم المردود إليه، والتمكن من إمضائه على وجهه، واجتماع العقل والرأي، والحزم (2)، والتحصيل، وسعة الحلم، والبصيرة بالوضع، والتواتر بالفتيا، والقيام بها، وظهور العدالة والتدين بالحكم، والقوة على القيام به، ووضعه مواضعه.
ومنعنا عن صحة الحكم لغير أهل الحق، لضلالهم عنه، وتعذر العلم عليهم بشئ منه لأجله، وتدينهم بالباطل، وتنفيذه، وفقد الإذن من ولي الحكم بالحق فيما يحكمون به منه، وذلك مقتض لاختلال معظم الشروط فيهم، ولبعض ذلك حرم على من لم يتكامل شروط الحكم فيه من أوليائهم، النيابة في تنفيذ بعض الأحكام، وتقليده ذلك، والتحاكم إليه.
واعتبرنا العلم بالحكم، لما بيناه من وقوف صحة الحكم على العلم، لكون الحاكم مخبرا بالحكم عن الله تعالى، ونائبا في إلزامه عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وقبح الأمرين من دون العلم.
واعتبرنا التمكن من إمضائه على وجهه، من حيث كان تقليد الحكم بين الناس