وروي أنه إذا أوصى الإنسان بعتق جميع مماليكه، وله مماليك يخصونه، ومماليك بينه وبين غيره، أعتق من كان في ملكه، وقوم من كان في الشركة، وأعطي شريكه حقه، إن كان ثلثه يحتمل ذلك، وإن لم يحتمل، أعتق منهم بقدر ما يحتمله (1).
والذي يقوى عندي، أنه لا يقوم من في الشركة، بل يعتق منهم بقدر ما يملكه، ولا يعطى شريكه ثمن حصته، وإن كان ثلثه يحتمل ذلك، لأنه بعد موته لا يملك الثلث إذا لم يوص به، لأن الموت يزول به ملكه إلا ما استثنى من ثلثه، وهذا ما استثنى شيئا.
إذا أوصى الإنسان فقال حجوا عني بثلثي حجة، ومات، فقد أوصى بأن يحج عنه بجميع ثلثه، فينظر فيه، فإن كان ثلث ماله بقدر أجرة من يحج عنه، فإن للوصي أن يستأجر من يحج عنه، سواء كان وارثا أو أجنبيا، بلا خلاف، وإن كان ثلث ماله أكثر ما يحج به من أجرة المثل، فكذلك عندنا، وعند المخالف يستأجر من يحج عنه بجميع ثلثه إذا كان أجنبيا، ولا يجوز أن يستأجر وارثا، لأن ما زاد على أجرة المثل وصية بالمحاباة، وذلك لا يصح للوارث، وعندنا أن ذلك يصح.
وإن قال حجوا عني بثلثي، ولم يقل حجة واحدة، فقد أوصى أن يحج عنه بثلثه، فينظر في ذلك، فإن كان ثلثه بقدر ما يحج به حجة واحدة، استؤجر من يحج عنه، سواء كان وارثا أو غير وارث، وإن كان ثلث ماله أكثر من أجرة مثله، فإنه لا يجوز أن يستأجر عنه بأكثر منه، وينظر في الزيادة، فإن أمكن أن يستأجر بها من يحج عنه حجة أخرى، فعل، وإن لم يمكن ردت الزيادة إلى الورثة، لأن الوصية متى لم تصح في الوجه الذي صرفه (2) فيه، رجعت إلى الورثة، والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها، إن فيما قبلها أوصى بأن يحج عنه حجة واحدة بجميع ثلثه، فلأجل هذا لم تراع أجرة المثل.
إذا أوصى الإنسان أن يحج عنه ولم يقل بثلثي، ولم يبين كم يحج عنه؟ فإنه