والصحيح ما ذهب إليه شيخنا المفيد، وهو الذي يقوى في نفسي، لأنه الذي يقتضيه ظاهر التنزيل، وهو قوله تعالى " أن يقتلوا أو يصلبوا " فجعل تعالى الصلب غير القتل، وخير في ذلك بقوله أو، وهي تقتضي التخيير في لسان العرب على ما قدمناه (1)، فعلى هذا كان يلزم المخالف لنا أن يصلبه حيا ولا يقتله، بل ينزله حيا أيضا بعد صلبه، لأنه تعالى قد جعل الصلب غير القتل، وعندنا أن الجميع يقتضي القتل، إلا أنه ليس كل قتل صلبا.
وإذا قطع جماعة الطريق، أقروا بذلك، كان حكمهم ما ذكرناه، فإن لم يقروا قامت عليهم بذلك بينة، وهي شهادة عدلين، كان الحكم في ذلك مثل ما ذكرناه من الإقرار سواء.
فإن شهد قطاع الطريق أو اللصوص بعضهم على بعض لم تقبل شهادتهم، لأنهم فساق.
وكذلك إن شهد الذين أخذت أموالهم بعضهم لبعض، لم تقبل شهادتهم، لأنهم خصوم، وإنما تقبل شهادة غيرهم لهم، أو يحكم بإقرار اللصوص على أنفسهم.
لا يجب أحكام المحارب على الطليع والرد بالنظر لهم، وإنما يجب على من باشر القتل، أو أخذ المال، أو جمع بينهما، أو شهر سلاحه لا خافة الناس.
إذا جرح المحارب جرحا يجب فيه القصاص في حد غير المحاربة، مثل قطع اليد أو الرجل، أو قلع العين وغير ذلك، وجب عليه القصاص بلا خلاف، ولا يتحتم، بل للمجروح العفو (2).
وإذا قطع المحارب يد رجل، وقتله في المحاربة، قطع ثم قتل، وهكذا لو وجب عليه القصاص فيما دون النفس، ثم أخذ المال، اقتص منه، وقطع من خلاف، ويأخذ المال صاحبه.
والمحارب إذا وجب عليه حد من حدود الله تعالى لأجل المحاربة، مثل انحتام القتل، أو قطع الرجل واليد من خلاف، والصلب (3) عند من رتب الأحكام،