وفي ذلك نظر.
إلا أن شيخنا رجع في مبسوطه (1)، إلى ما قلناه أولا فاعتبر تصديق المقر به في الجميع.
فإذا ثبت هذا فإن أقر بصغير، ووجدت الشرايط الثلاثة فيه، ثبت نسبه، فإذا بلغ وأنكر أن يكون ولدا له، لم يقبل منه، ولم يسمع دعواه لذلك، لأنه حكم عليه قبل أن يكون لكلامه حكم بأنه ابنه، فلا يسمع بعد الحكم دعواه، كما لو كان في يده صبي صغير محكوم له برقه، فلما بلغ أنكر أن يكون عبدا له، لم يسمع منه، لما تقدم له من الحكم بالرق قبل أن يكون لكلامه حكم، وهكذا إذا التقط الإنسان لقيطا ورباه، ثم أقر الملتقط بأنه عبد لفلان، لم يقبل إقراره عليه بذلك، لأن الظاهر من اللقيط، الحرية.
فأما إذا أقر بنسب على غيره مثل أن يقر بأخ، فإن كان صغيرا فبثلاثة شروط، وإن كان كبيرا فبأربعة شروط، على ما قدمناه، ويراعى في ذلك إقرار رجلين عدلين.
وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه، أو رجل وامرأتين من الورثة (2).
والأول الذي اخترناه، هو الذي يقتضيه أصول مذهبنا، وهو أن النسب لا يثبت إلا بشهادة رجلين عدلين، فإن لم يكن كذلك، فلا يثبت النسب على ما بيناه.
فإذا ثبت هذا، فكل موضع ثبت النسب بالإقرار، ثبت المال بغير استثناء عندنا، وعند المخالف يستثنى موضعا واحدا، وهو إذا كان إثبات الميراث يؤدي إلى إسقاطه، مثل أن يقر الأخوان بابن للوارث، فإن نسبه يثبت، ولا يثبت عنده له الميراث، قال لأنه لو ورث، حجب الأخوين، وخرجا من كونهما وارثين، ويبطل الإقرار بالنسب، لأنه أقر بمن (3) ليس بوارث، فإذا بطل النسب بطل الميراث، فلما أدى إثبات الميراث إلى إسقاطه، أسقط، فثبت النسب دونه.