والفرق بين ما نحن فيه، وبين الديون على التركة، إن الغرماء مستوون في وجوب استيفاء حقوقهم منها، ولا مزية لبعضهم على بعض في ذلك، وليس كذلك مسائل العول، لأنا قد بينا أن في الورثة من لا يجوز أن ينقص عن سهمه، وفيهم من هو أولى بالنقص من غيره، فخالفت حالهم حال الغرماء، ودعواهم على أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يقول بالعول، وروايتهم عنه، أنه قال بغير روية، وقد سئل وهو على المنبر، عن ابنتين وأبوين وزوجة، صار ثمنها تسعا، - غير صحيحة -، لأن أبناءه عليهم السلام وشيعته أعلم بمذهبه من غيرهم، وقد نقلوا عنه خلاف ذلك، وابن عباس ما أخذ مذهبه في إبطال العول إلا عنه، وقد روى المخالف عنه، أنه قال من شاء باهلته، إن الذي أحصى رمل عالج، ما جعل في مال نصفا وثلثا وربعا، ثم اعتمادهم في الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام لما ادعوه من قوله بالعول في الفرايض، على أخبار آحاد لا يعول على مثلها في الشرع، ثم هي موقوفة على الشعبي والنخعي، والحسن بن عمارة، والشعبي ولد في سنة ست وثلاثين، والنخعي ولد في سنة سبع وثلاثين، وأمير المؤمنين عليه السلام قتل في سنة أربعين، فلا تصح روايتهما عنه، والحسن بن عمارة مضعف عند أصحاب الحديث، ولما ولي المظالم، قال سليمان بن مهران الأعمش، ظالم ولي المظالم.
فأما ما ادعوه من قوله عليه السلام صار ثمنها تسعا فرواه سفيان (1)، عن رجل لم يسمه، والمجهول لا يعتد بروايته، على أنه تتضمن ما لا يليق به عليه السلام، لأنه سئل عن ميراث المذكورين، فأجاب عن ميراث الزوجة فقط، وإغفال من عداها، وقد سئل عنه، غير جايز عليه.
وقد قيل إن الخبر لو صح لاحتمل أن يكون المراد به صار ثمنها تسعا عند من يرى العول على سبيل التهجين له والذم، كما قال الله تعالى " ذق إنك أنت العزيز الكريم " (2)، أي عند قومك وأهلك ولاحتمل أيضا أن يكون أراد الاستفهام، وأسقط حرفه، كما روي عن ابن عباس في قوله تعالى " فلا اقتحم العقبة " (3). وقال