وهذا قول بعض المخالفين، ذكره في هذا الكتاب، لأن معظمه فروعهم.
والقسامة عند الفقهاء كثرة اليمين، وسميت قسامة، لتكثير اليمين فيها.
وقال أهل اللغة القسامة عبارة عن أسماء الحالفين من أولياء المقتول، فعبر بالمصدر عنهم، وأقيم المصدر مقامهم، يقال أقسمت أقسم أقساما، وقسامة، وذلك من القسم الذي هو اليمين.
فأما إذا قامت البينة بشهادة غيرهم، فليس فيه أكثر من شهادة نفسين عدلين، إذا كان القتل عمدا، أو شهادة عدل ويمين المدعي إذا كان القتل خطأ، لأن المقصود من هذا القتل المال دون القود.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته، فأما إذا قامت البينة بشهادة غيرهم، فليس فيه أكثر من شهادة نفسين عدلين، أي ضرب كان من أنواع القتل، لا يختلف الحكم فيه (1).
وليس إطلاقه رحمه الله ذلك، يدل على أن في قتل الخطأ لا يقبل إلا شهادة عدلين، ولا تقبل شهادة عدل ويمين المدعي، إلا من حيث دليل الخطاب، وذلك عندنا غير معمول عليه، وإن كان قد أفصح وفصل وذهب في مبسوطه (2)، ومسائل خلافه (3)، إلى ما اخترناه، وذهبنا إليه.
وقد قلنا إن القسامة إنما تكون مع اللوث الذي هو قوة الظن، وهو التهمة الظاهرة، ولا تكون القسامة مع ارتفاعها، فإن لم يكن لوث ولا تهمة ظاهرة، فإن المدعى عليه، لا يلزمه سوى يمين واحدة، بأنه ما قتل المقتول، ولا تجب اليمين هاهنا على المدعي، مثل ساير الدعاوي فليلحظ ذلك.
ومتى أقاموا نفسين تشهدان لهم بالقتل أو أقاموا القسامة على ما قدمناه، وجب على المدعى عليه إن كان القتل عمدا القود، إلا أن يتراضيا علي أخذ الدية حسب ما قدمناه، وإن كان القتل خطأ محضا أو شبيه العمد، وجب عليه أو على عصبته الدية على ما بيناه.