الحرام، وبعيره في معونة الحاج والزوار، فإذا فعل ذلك لوجه الله تعالى، لم يجز له تغييره، ولا تبديله، فإنه قد خرج عن ملكه، فإن عجزت الدابة، أو دبرت، يعني صار بها دبر، - بفتح الدال والباء -، أي عقر، لأن الدبر في لسان العرب، العقر، فروي أن بعض الأعراب قال لعمر بن الخطاب، وكان أتاه، فشكا إليه نقب إبله ودبرها، فكذبه عمر، وحلف بأنه كاذب، واستحمله، فلم يحمله، فأنشأ يقول.
أقسم بالله أبو حفص عمر * ما مسها من نقب ولا دبر - النقب الجرب - فإن (1) مرض الغلام أو الجارية، وعجزا عن الخدمة، سقط عنهما بمرضهما، فإن عادا إلى الصحة كان الشرط فيهما قائما حتى يموت العبد، وتنفق الدابة.
فأما إن حبس ملكه على بعض الآدميين إلى مدة موت الحابس، فإنه إذا مات عاد الملك إلى ورثة الحابس، وأنفذت فيه المواريث، فهذا معنى ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قضى برد الحبيس، وإنفاذ المواريث (2).
فأما الحبيس على بيت الله، ونحو ذلك، فلا يعود إلى ملك الحابس، ولا إلى ورثته بعده بحال، فهذا فرق ما بين الحبيسين والمسألتين، فليلحظ ذلك ويتأمل، فربما اشتبه على كثير من المتفقهة.
وروي أنه إذا جعل الإنسان خدمة عبده أو أمته لغيره، مدة من الزمان، ثم هو حر بعد ذلك، كان ذلك جايزا، وكان على المملوك الخدمة في تلك المدة، فإذا مضت المدة، صار حرا فإن أبق العبد هذه المدة، ثم ظفر به من جعل له خدمته، لم يكن له بعد انقضاء تلك المدة عليه سبيل، وإن كان صاحب الغلام أو الجارية جعل خدمته لنفسه مدة من الزمان، ثم هو حر بعد ذلك، وأبق المملوك انتفض ذلك التدبير، فإن وجده بعد ذلك كان مملوكا يعمل به ما شاء (3).