لا يعقلون، دون الأب القاتل، لأنا قد بينا أن القاتل إن كان عمدا لا يرث من التركة، ولا من الدية شيئا، وإن كان خطأ فإنه أيضا لا يرث من الدية شيئا على ما بيناه (1)، ومتى لم يكن له وارث غير الأب ممن لا يحمل العقل، فلا دية له على العاقلة على حال، لأنهم يؤدون إلى أنفسهم لأنهم حينئذ ورثته، فلا فائدة، ولا معنى في ذلك.
فإن قتله عمدا أو شبيه عمد، كانت الدية عليه في ماله خاصة، ولا يقتل به على وجه قودا، لأجل قتله إياه فحسب، إلا أن يكون محاربا قتل ولده، فيقتل الوالد حدا لا قودا، لأجل المحاربة، لأن القتل هاهنا يتحتم على القاتل كائنا من كان، لقوله تعالى " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا " (2) وقد حررنا ذلك فيما تقدم (3).
وتكون الدية لورثته خاصة، فإن لم يكن له وارث غير الأب القاتل، كانت الدية عليه لإمام المسلمين.
وقال شيخنا أبو جعفر لبيت المال، وأطلق (4).
وقد اعتذرنا له فيما مضى (5)، وقلنا أنه قال في المبسوط إذا قلت بيت المال، فمقصودي بيت مال الإمام.
وإذا قتل الابن أباه عمدا، قتل به إن كانا ممن يجري بينهما القود على ما نبينه إن شاء الله تعالى (6).
فإن قتله خطأ، كانت الدية على عاقلته، ولم يكن له منها شئ على ما بيناه.
فإن لم يكن للأب من يرثه إلا العاقلة، فلا شئ لها على أنفسها.
وإذا قتل الولد أمه، أو قتلت الأم ولدها عمدا محضا، قتل كل واحد منهما بصاحبه، وإن قتله خطأ، كانت الدية على عاقلته على ما بيناه، ولا يرث هو شيئا منها على ما بينا القول فيه وشرحناه.