وعند من لم يرتبها، ثم تاب قبل القدرة عليه وقبل قيام الحد، سقط الحد بلا خلاف، وإن تاب بعد القدرة عليه لا يسقط بلا خلاف، وما يجب عليه من حقوق الآدميين وحدودهم فلا يسقط، كالقصاص والقذف وضمان الأموال، وما يجب عليه من حدود الله التي لا يختص بالمحاربة، كحد الزنا والشرب واللواط فإنها تسقط عندنا بالتوبة قبل رفعه إلى الحاكم والقدرة عليه.
وكذلك كل من وجب عليه حد من حدود الله تعالى، من شرب الخمر، أو الزنا من غير المحاربين، ثم تاب قبل قيام البينة عليه بذلك، فإنها بالتوبة تسقط.
إذا اجتمع حد القذف وحد الزنا وحد السرقة، ووجوب القطع، قطع اليد والرجل بالمحاربة، وأخذ المال فيها، ووجب عليه القود بقتل في غير المحاربة، فاجتمع حدان عليه وقطعان وقتل، فإنه يستوفى منه الحدود كلها، ثم يقتل، ولا يتداخل بعضها في بعض، لأن الظواهر تقتضي إقامتها كلها، فمن ادعى تداخلها فعليه الدلالة.
قد قلنا إن أحكام المحاربين يتعلق بالرجال والنساء سواء، على ما فصلناه (1) من العقوبات، لقوله تعالى " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " الآية ولم يفرق بين النساء والرجال، فوجب حملها على عمومها.
إذا مات قطاع الطريق قبل إقامة الحد عليهم، لا يصلبون، لأنه قد فات بالموت، ولله فيهم المشية.
إذا شهد شاهدان أن هؤلاء قطعوا الطريق علينا وعلى القافلة، وقاتلونا وأخذوا متاعنا، لم تقبل هذه الشهادة في حق أنفسهما، لأنهما شهدا لأنفسهما، ولا تقبل شهادة الإنسان لنفسه، ولا تقبل شهادتهما أيضا للقافلة على ما قدمناه، لأنهما قد أبانا العداوة والخصومة، وشهادة العدو والخصم لا تقبل على عدوه وخصمه.
وهكذا لو شهدا على رجل فقالا هذا قذفنا وقذف زيدا، لم تقبل شهادتهما