أرشها، ثم رجعت عليه وسرت إليه، فمات منها، كان على جارحه ديته، إلا دية الجرح الذي عفى عنه، فإن أرادوا القود، ردوا على قاتله دية الجرح الذي عفى عنه صاحبه.
ومن قطع شحمة أذن إنسان، فطلب منه القصاص، فاقتص له منه، فعالج الجاني أذنه حتى التصق المقطوع بما انفصل عنه، كان للمقتص منه أن يقطع ما اتصل من شحمة أذنه، حتى تعود إلى الحال التي استحق بها القصاص، وهكذا حكم المجني عليه، سواء كان ظالما أو مظلوما، جانيا أو مجنيا عليه، لأنه حامل نجاسة، وليس إنكاره ومطالبته بالقطع مخصوصا بأحدهما، بل جميع الناس.
وكذلك القول فيما سوى ذلك من الجوارح والأعضاء، إذا لم يخف على الإنسان منها تلف النفس، أو المشقة العظيمة، ووجب على السلطان ذلك، لكونه حاملا للنجاسة فلا تصح منه الصلاة حينئذ، وكذلك إذا جبر عظمه بعظم نجس العين، ولم يكن في قلعه خوف على النفس، ولا مشقة عظيمة، يجب إجباره على قطعه، ولا تصح معه صلاته، فأما إن خاف من قلعه على نفسه، فلا يجب قلعه، ولا يجوز إجباره على ذلك، وتكون صلاته صحيحة، لموضع الضرورة، لقوله عليه السلام - لا ضرر ولا إضرار - (1).
ومن قتل غيره، فسلمه الوالي إلى أولياء المقتول ليقتلوه، فضربه الولي ضربات، وجرحه جراحات عدة، وتركه ظنا منه أنه مات، وكان به رمق، والرمق بقية الحياة، فحمل ودوي فصلح، ثم جاء الولي فطلب منه القود، كان له ذلك، وعليه أن يرد عليه دية الجراحات التي جرحه، أو يقتص منه بمثل الجراحات، هذا إذا لم يكن جرح المجني عليه المقتول الأول جراحات عدة، بل قتله بضربة واحدة، فأما إن كان جرحه جراحات عدة، فللولي أن يقتص منه بعد ذلك، ويقتله.
وكذلك إن قطع بعض أطرافه، ثم قتله بعد ذلك، كان للولي أن يقطع، ثم يقتل بعد ذلك.