حيا، بالعرف القائم في الاسم، ألا تراه إذا قال أكلت البيض، لم يفهم منه بيض السمك والجراد، وكذلك إذا حلف لا أكلت الرؤوس، فهذا حقيقة في كل رأس، ونحمله على رؤوس النعم بالعرف القائم في الاسم، وقد قلنا ما عندنا في مثل ذلك، وحققناه وحررناه، وإنما أوردنا ما أورده شيخنا في مبسوطه، من كلام المخالفين، وتخريجاتهم، ألا ترى إلى قوله " فهذا حقيقة في كل رأس " فأين يعدل عن الحقيقة، وهي الأصل، وإنما يعدل في بعض المواضع بدليل قاطع، مثلا: قال إنسان لغلامه اشتر لنا رؤوسا نتغدى بها باليوم، حملناه على رؤوس النعم لأجل القرينة، وشاهد الحال، وليس كذلك إذا حلف إنسان، وأطلق كلامه عن القرائن والبيان، أنه لا يأكل الرؤوس فأكل رؤوس الغزلان، وحمر الوحش، والخنازير، نقول لا يحنث وقد فعل ما حلف عليه أنه لا يفعله، حقيقة بلا خلاف بين أهل اللسان، والعقلاء والعلماء، إن تلك تسمى رؤوسا بلا إشكال.
وأما ما يخص بالعرف الشرعي فكل ما كان له اسم في اللغة واختص بالشرع إلى غير ما وضع له في اللغة، حمل إطلاقه على الشرعي، كالصيام، هو في اللغة عام في الإمساك عن كل شئ، وهو في الشرع إمساك عن أشياء مخصوصة، فحملنا المطلق على الشرعي، وفي هذا المعنى الصلاة في اللغة الدعاء، وفي الشرع هذه الأفعال المخصوصة، فانطلقت على الشرعية، فحملنا المطلق من الكلام، على عرف الشرع، لأنه الطاري.
فإذا حلف لا كلمت الناس فهذا عام في كل أحد، فإذا كلم واحدا حنث، لأنه تعلق بالجنس.
إذا حلف لا ذقت شيئا، فأخذه بفيه، ومضغه، ورمى به، ولم يبتلع منه شيئا، حنث، لأن الذوق عبارة عن معرفة طعم الشئ، وهذا قد عرف طعمه قبل أن يبتلعه.
قال شيخنا في مسائل خلافه: إذا حلف لا وهبت له، فإن الهبة عبارة عن كل عين يملكه إياها متبرعا بها بغير عوض، فإن وهب له، أو أهدى له، أو نحله، أو