ومتى شرب شئ من ذلك من لبن امرأة واشتد على ذلك كره أكل لحمه، ولم يكن محظورا.
فأما الخيل والبغال والحمير، فإن لحمها مكروه عند أصحابنا، وليس بمحظور، وإن كان بعضه أشد كراهة من بعض، لأن لحم البغل أشد كراهة من لحم الحمار، ولحم الحمار أشد كراهة من لحم الخيل، ولحم الخيل أدونهن كراهية.
وذهب بعض أصحابنا إلى أن أشد ذلك كراهية لحم الحمار.
فإن جل واحد من هذه الأجناس الثلاثة، كان لحمه محظورا، إلا أن يستبرأ، ولم يرد حد في مدة استبراء شئ من ذلك.
والذي ينبغي أن يعول عليه، أنه يستبرأ بمدة تخرجه من اسم الجلل، بأن يصير غذاؤه أجمع مما يجوز أكله من المباحات، بعد إن كان قد صار غذاؤه أجمع عذرة الإنسان، بحيث يزول عنه اسم الجلل، بأن لا يسمى جلالا، لأنه لم يصر غذاؤه أجمع عذرة الإنسان، فليلحظ ذلك فهذا تحرير فقهه.
ولا يجوز أكل لحم الفيل.
ومن وطي شيئا من الأجناس التي يحل أكل لحمها، حرم ذلك لحمها ولحم ما كان من نسلها، على ما رواه (1) أصحابنا، ووجب إحراقها بالنار، فإن اختلطت بغيرها واشتبهت، استخرجت بالقرعة، بأن يقسم القطيع قسمين، ويقرع على كل واحد منهما، ثم يقسم ذلك أبدا، إلى أن لا تبقى إلا واحدة.
وأما حيوان البحر، فلا يستباح أكل شئ منه إلا السمك خاصة، والسمك يؤكل منه ما كان له فلس، وهو القشر، فأما ما لم يكن له قشر، وإن انطلق عليه اسم السمك فلا يحل أكله، فعلى هذا التحرير، الجري - بكسر الجيم - والراء وتشديدها و تشديد الياء أيضا، لا يجوز أكله وكذلك الجريث - بكسر الجيم - أيضا وتشديد الراء وكسرها فلا يجوز أكله.
ولا يجوز أكل الطافي وهو الذي يموت في الماء فيطفو عليه.