قال محمد بن إدريس رحمه الله ما رأيت أعجب من شيخنا في هذه المقالة، وأي روايات في ذلك حتى يكون ما اختاره هو الأظهر فيها، إن هذا لعجيب، وليس إذا علمنا أن مصنفا أراد لفظة يقيم بها تصنيفه، فجعل مكانها لفظة تحيله (1) وتفسده، وجب أن نحسب (2) له ما يتوهم أنه أراده ويترك ما قد صرح به، ولو كانت الأمور كلها تجري هذا المجري، لم يكن خطأ.
ويوقف نصيب الأسير في بلاد الكفر إلى أن يجئ، أو يصح موته، فإن لم يعلم مكانه ولا موته وحياته، فهو مفقود، واختلف أصحابنا فيه على ثلاثة أقوال.
فقال قوم إن المفقود يحبس ماله عن ورثته قدر ما يطلب في الأرض كلها أربع سنين، فإن لم يوجد انقضاء هذه المدة، قسم المال بين ورثته.
وقال قوم لا بأس أن يبتاع عقار المفقود بعد عشر سنين من غيبته وفقده وانقطاع خبره، ويكون البايع ضامنا للثمن والدرك، فإن حضر المفقود، خرج إليه من حقه.
وقال قوم لا يقسم مال المفقود حتى يعلم موته، أو يمضي مدة لا يعيش مثله إليها بمجرى العادة، وإن مات له من يرثه المفقود، دفع إلى كل وارث أقل ما يصيبه، ووقف الباقي حتى يعلم حاله.
وهذا الأخير هو الذي يقوى عندي، وأعمل عليه، وأفتي به.
والأول من الأقوال اختيار السيد المرتضى في انتصاره (3).
والثاني من الأقوال اختيار شيخنا المفيد، ذكره في مقنعته (4).
والثالث من الأقوال اختيار شيخنا أبي جعفر الطوسي ذكره في مسائل خلافه (5)، وهو الأصح والأظهر لأن فيه الاحتياط والإجماع، لأن التصرف في مال الغير بغير إذنه قبيح محظور عقلا وسمعا، فمن أباحه يحتاج إلى دليل، ونعم ما اختار