محمد رسول الله، وأنه برئ من كل دين خالف الإسلام، فإذا فعل هذا فقد صحت توبته، وثبتت عدالته، وقبلت شهادته، ولا يعتبر بعد التوبة مدة يصلح فيها عمله، لأنه إذا فعل هذا فقد أتى بضد المعصية.
وأما إن كانت المعصية قذفا لم يخل من أحد أمرين، إما أن يكون قذف سب، أو قذف شهادة، فإن كانت قذف سب، فالتوبة هي إكذابه نفسه، لما روي عن النبي عليه السلام في قوله " وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا " (1) قال النبي عليه السلام توبته إكذابه نفسه (2) فإذا تاب قبلت شهادته.
فإذا ثبت أن التوبة إكذابه نفسه، فاختلفوا في كيفيته، قال قوم أن يقول القذف باطل حرام، ولا أعود إلى ما قلت، وقال بعضهم التوبة إكذابه نفسه وحقيقة ذلك أن يقول كذبت فيما قلت، وروي ذلك في أخبارنا (3) والأول أقوى، لأنه إذا قال كذبت فيما قلت، ربما كان كاذبا في هذا، لجواز أن يكون صادقا في الباطن، وقد تعذر عليه تحقيقه، فإذا قال القذف باطل حرام، فقد أكذب نفسه، وقوله لا أعود إلى ما قلت، فهو ضد ما كان منه.
فإذا ثبت صفة التوبة فهل تفتقر عدالته التي تقبل بها شهادته إلى صلاح العمل أم لا؟ قال قوم مجرد التوبة يجزيه، وقال قوم لا بد من صلاح العمل، وهو الأقوى، لقوله " إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا " (4) فمن قال لا يفتقر إلى صلاح العمل، فلا كلام، ومن قال يفتقر إليه، فصلاح العمل مدة سنة على ما مضى هذا الكلام في قذف السب.
وأما قذف الشهادة فهو أن يشهد بالزنا دون الأربعة، فإنهم فسقة، وقال قوم يحدون، وقال آخرون لا يحدون، فالتوبة هاهنا أن يقول قد ندمت على ما كان مني،