العمل به، ولا يجوز العدول عنه، وقال رحمه الله مستدلا على خصومه، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، فجعل الأخبار دليله، وهو قد حكى عن أصحابه أنهم رووه، فالأخبار التي استدل بها وعناها هي التي رووا، ثم استدل بإجماعهم، وإجماعهم منعقد على هذه الأخبار التي رووها في هذا المعنى، ثم إنه رحمه الله خالف أصحابه على ما حكي عنهم، وخالف قوله الذي ذكره في كتبه الثلاثة المقدم ذكرها، وقال هيهنا المعمول عليه أن يرجع إلى القرعة، فيعمل عليها، وفي هذا ما فيه.
ثم إن القرعة لا تستعمل إلا في كل أمر مشكل إذا لم يرد فيه بيان شرعي، ولا نص مبين لحكمه، فحينئذ يفزع إلى القرعة، فيجعل بيان حكمه وحل مشكله، فأما إذا ورد البيان من الشارع بحكمه، فلا يجوز الرجوع فيه إلى القرعة بحال، من غير خلاف بيننا في هذا الأصل المقرر المحرر، وقد أقر رحمه الله أن أصحابه رووا بيان هذا الحكم، واستدل بإجماعهم وأخبارهم التي رووها عليه، فكيف يفزع هو إلى القرعة في هذا الموضع، إن هذا لعجيب طريف، إلا أن يريد بأخبارهم التي عناها إن كل أمر مشكل فيه القرعة، وقد دللنا على فساد هذه الطريقة، وقلنا إنه لا يجوز استعمال القرعة إلا في أمر لم يبين الشارع حكمه ومشكله، والشارع بين حكم هذا بعد (1) الأضلاع، فإن شيخنا أقر بأن أصحابه رووا ذلك من غير تناكر بينهم في الرواية.
وقد قال رحمه الله في الحايريات، لما سئل عن الخبر الذي ورد أن الله تعالى لما خلق آدم عليه السلام أخذ من جنبه الأيسر ضلعه الأعوج، فخلق منه حوا، وإن (2) أضلاع الرجال تنقص وأضلاع النساء تمام، فما عنده فيه؟ فقال الشيخ الجواب ذلك مشهور بين أهل النقل في أصحابنا، والمخالفين، وهو جايز لا مانع منه، وهو في قضايا أمير المؤمنين عليه السلام.
ألا ترى إلى قوله ذلك مشهور بين أهل النقل في أصحابنا والمخالفين فدل على أنه إجماع المسلمين، فضلا عن طائفتنا على رواية هذا الحكم.